تتشابه
كافة الأنظمة الدستورية في العالم من حيث إقرارها لمنصب رئيس الدولة، سواء أكانت
تلك الأنظمة : رئاسية، برلمانية، أم شبه رئاسية، و عند دراستنا لمهام رئيس الدولة
في مقارنة بين الأنظمة الدستورية الأوروبية و العربية يثير انتباهنا مسألة غاية في
الأهمية، هي كون مؤسسة رئيس الدولة في الأنظمة الأوروبية تتنوع بين الدول التي
تعتمد النظام البرلماني أو الرئاسي أو شبه الرئاسي، في حين، نجد كافة الدول
العربية تعتمد النظام شبه الرئاسي.
فللإحاطة
بالموضوع سنتطرق إلى تعريف رؤساء الدول (مبحث أول) ثم مسؤوليتهم (مبحث ثان)
المبحث
الأول: رئيس الدولة في الدول الأوروبية و العربية
نظرا لتنوع الأنظمة الدستورية في
أوروبا سنتناول كل نظام على حدة في مطالب متتالية.
المطلب
الأول: رئيس الدولة في الأنظمة الرئاسية
النظام الرئاسي هو نظام حكم تكون فيه السلطة التنفيذية مستقلة عن
السلطة التشريعية و لا تقع تحت محاسبتها و لا يمكن أن تقوم بحلها، و تعود أصول
النظام الرئاسي إلى النظام الملكي في العصور الوسطى (كفرنسا، و بريطاني) و التي
كانت فيها السلطات التنفيذية تصدر من التاج الملكي و ليس من الحكومة، و حاليا
تتبنى بعض الدول الأوروبية هذا النظام استلهاما للنظام الرئاسي الأمريكي الذي
يتميز عن أنظمة العصور الوسطى بكونه نظاما يعتمد على انتخاب الرئيس من الشعب
مباشرة.
و من الدول الأوروبية التي تعتمد
هذا النظام نجد بلاروسيا
و
من الدول العربية التي تأخذ بهذا النظام بشكل جلي نجد المملكة العربية السعودية
بحيث ينص دستورها على أن الملك هو رئيس السلطة التنفيذية من خلال ترأسه لمجلس
الوزراء و تعيين هؤلاء و إعفائهم من مهامهم و يكونوا مسؤولون أمامه مباشرة و لا
يخضعون لأية رقابة برلمانية و يعتبر الوزراء مجرد معاونين للملك في أداء مهامه
التنفيذية. (المواد من 55 إلى 58 من النظام الأساسي لملكة العربية السعودية) .
المطلب
الثاني: رئيس الدولة في الأنظمة البرلمانية
النظام
البرلماني هو نظام حكم يتميز بازدرواجية السلطة التنفيذية ( رئيس الدولة، رئيس
الحكومة) ، في مثل هذا النظام يكون رئيس الحكومة هو الرئيس التنفيذي و تكون
الحكومة منبثقة عن البرلمان/ أما رئيس الدولة في كثير من الأحيان يكون صوريا (يسود
و لا يحكم) و هو إما رئيس منتخب شعبيا أو من قبل البرلمان أو عاهلا وراثيا. و تأخذ
غالبية الدول الأوروبية بهذا النظام و إن كانت انجلترا هي مهده .
(المملكة
المتحدة، ألبانيا، النمسا، بلجيكا، بلغاريا، كرواتيا، تشيك، الدنمارك، استونيا،
فنلندا، ألمانيا، اليونان، المجر، ايسلاندا، إيرلاندا، أيطاليا، لاتفيا، لتوانيا،
إسبانيا، لوكسمبورغ، مقدونيا، مالطا، مولدوفيا، الرأس الأسود، هولنذا، بولونيا،
صربيا، سلوفاكيا، سلوفينيا، سويسرا)
المطلب
الثالث: رئيس الدولة في النظام شبه الرئاسي
النظام
شبه الرئاسي هو نظام مختلط بين النظام الرئاسي و النظام البرلماني، بحيث يكون فيه
رئيس الدولة و رئيس الحكومة شريكان في تسيير شؤون الدولة ، و توزيع المهام بينهما
يختلف من بلد لآخر
(فرنسا،
أذربيجان، جورجيا، لتوانيا، شمال قبرص، أبخازيا، البرتغال، رومانيا، روسيا،
أوكرانيا، أرمينيا)
أما
باقي الدول العربية فبالرغم من حجم المهام التي يضلع بها رؤساء الدول إلى أن
السلطة التنفيذية فيها تقوم على أساس الثنائية بحيث تلعب الحكومات و مؤسسة رئيس
الحكومة(المغرب، تونس) أو رئيس الوزراء(مصر، الإمارات، الكويت، العراق،سوريا، قطر،
ليبيا، عمان، اليمن، لبنان، الأردن، البحرين، موريتانيا، الصومال، جيبوتي،
السودان) أو الوزير الأول(الجزائر) دورا مهما في تسيير شؤون الدولة الشيء الذي
يطبع هذه الأنظمة بطابع النظام شبه الرئاسي
المبحث
الثاني: مسؤولية رئيس الدولة في الأنظمة الأوروبية و العربية
يقصد
بمسؤولية رئيس الدولة المسؤولية السياسية و المسؤولية الجنائية.
المطلب
الأول: المسؤولية السياسية لرئيس الدولة
تتفق
مجمل الدساتير العربية و الأوروبية على عدم محاسبة رؤساء الدول من الناحية
السياسية استنادا إلى مبدأ الحصانة التي يتوجب للرؤساء التمتع بها، في حين تسمح
تلك الدساتير بالمحاسبة الجنائية
المطلب
الثاني: المسؤولية الجنائية لرؤساء الدول.
سمحت
الدساتير الأوروبية و العربية على المحاسبة الجنائية لرؤساء الدول وفق شكليات
معينة ، و إن كانت تؤكد على هذه المحاسبة في حالة الخيانة العظمى إلا أنها لم
تستثني مسؤوليته عن الجرائم الجنائية التي قد يرتكبها أثناء مزاولته لمهامه، و
تختلف المساطر المتبعة في المحاسبة من بلد لآخر و يتعلق الأمر بكيفية توجيه التهمة
و التقاضي و الجهة المخولة بمقاضاة رئيس الدولة.
فإذا
كانت الدساتير الأوروبية قد اعتمدت مبدأ المحاسبة الجنائية فإن الدول العربية التي
تبنت هذا نهج نجد لبنان و اليمن و مصر... مثلا في حين أغلب الدول العربية نحت منحى
يجنب رؤساءها أية محاسبة سواء أكانت جنائية أم سياسية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق