تقديم
أدى تدخل الدولة في الوقت الراهن في كافة مجالات الحياة اليومية وعلى نطاق واسع إلى تنوع المرافق العامة التي تهدف إلى إشباع الحاجات العامة للمواطنين وإن هذه الحاجات العامة هي حاجات متطورة باستمرار لأنها وليدة متطلبات أفراد المجتمع المتطورة ومن ثم يكون للإدارة دائما تطوير المرافق العامة سواء من حيث نشاطها أو من حيث أساليب وقواعد إدارتها وذلك لكي يتسنى للمرافق العامة مسايرة حاجات الأفراد ، ومن ثم يمكن دائما تطوير المرافق العام.
وتتمتع إدارة إذن بسلطات تقديرية في تطوير
وتغيير المرفق العامة ولا يقيدها في هذا الشأن إلا شرط استهداف المصلحة العامة ولا
يكون لأحد حق الاعتراض على تطوير المرافق العام حتى لو أثر ذلك على مركزه القانوني[1].
فمبدأ قابلية نظام المرافق العام للتغير و
التعديل له علاقة بمفهوم قانون التطور الذي يجب أن تخضع له المرافق العمومية والذي
يقتضي بأن تتطور خدماتها بدون توقف كما وكيفا[2]، لكون
ما تعرفه خدمات المرافق العمومية من تحولات هو نتاج تطبيق لهذا المبدأ فبعض
الخدمات الجديدة برزت وفرضت نفسها لأن حاجيات اجتماعية تطلبتها في حين أن الخدمات
التي عرفت تراجعا مهما فذلك راجع إلى التطور التقني والتكنولوجي، فالنقل الجماعي داخل
النطاق الحضري تراجع أمام تعميم السيارات الخاصة وتوزيع الرسائل أصبح أقل أهمية مع
انتشار استعمال الهاتف.. فمن الطبيعي أن كل مرفق لم يعد يلبي حاجات عامة أن يتم
إلغاؤه وهو مآل مجموعة من المرافق العامة التي أنشئت لمواجهة الأوضاع الناتجة عن
الحرب العالمية الثانية وبمجرد ما عادت اﻷوضاع إلى حالها وحققت اﻷسواق اكتفاءها
الذاتي تم إلغاء تلك المرافق.
ولكن
اﻹلغاء ليس اﻹجراء الوحيد المألوف بل يتم اللجوء في كثير من الحالات إلى تغيير و
تعديل و تقويم قواعد سير المرافق العام لأنها ليست أزلية بل يمكنها أن تعدل لتلاءم
الوضعيات الجديدة لأن الإدارة تعمل في تنظيمها للمرافق العامة على الوصول إلى
تشغيلها بأكبر كفاءة ممكنة في ظل الظروف القائمة وحصل أن تغيرت هذه الظروف أو ظهرت
للإدارة طريقة لزيادة كفاءة المرفق سعيا لتحقيق المصلحة العامة فإن من حقها إجراء
ما تراه من تعديل في تنظيمه كأن تجعل إدارة المرفق عن طريق المؤسسة العامة بدلا من
الإدارة المباشرة...ولها أن تفرض رسوما على الانتفاع أو ترفع من قيمتها تخفضها.
وأن تشدد
من الشروط المتطلبة في الالتحاق بالعمل بالمرفق العام
وبمقتضى هذه الفكرة أنشئت للإدارة حقوقا لا وجود لها في غير المرافق العامة تتمثل
في قدرتها على تعديل نظام سير المرفق العام بإرادتها المنفردة، وتعديل العقود
الإدارية التي تكون الغرض منها تسيير المرفق العام وكذلك قدرتها على تطوير أساليب
إدارته وفقا لمقتضيات المصلحة العامة.[3]
من
هذا المنطق واعتبارا لكون مبدأ تعديل المرفق العام وقابليته لتغير والتطوير يعتبر
من المبادئ الأساسية التي تحكم سير المرافق العامة. فاﻹشكال الذي يطرح هنا يتمثل
في ما هو الإطار القانوني الذي يؤطر مبدأ قابلية المرفق العام للتغيير
والتعديل؟وما هي قيود التي تعترض ممارسة السلطة العامة لسلطتها في التغيير و التطوير
؟ وماهي مظاهر و آثار مبدأ قابلية المرفق العام للتغير و التطوير؟
من خلال هذه الإشكالية المطروحة سنحاول الإجابة
عنها من خلال مبحثين:
المبحث
الأول: الإطار القانوني لمبدأ قابلية المرافق العامة للتغيير و التعديل.
المبحث
الثاني: مظاهر و آثار مبدأ قابلية المرفق العام للتعديل والتغيير.
المبحث
الأول: الإطار القانوني لمبدأ قابلية المرافق العامة للتغيير و التعديل.
لبيان
النظام القانوني للمبدأ يجب عرض الأسس التي يقوم عليها هذا المبدأ وكذلك
دراسة العوامل التي تتحكم في تغيير قواعد المرافق العامة وتطويرها ومن اللازم أيضا
البحث في القيود الواردة على إمكانية الإدارة في إجراء التغير أو التطوير و
المتمثل في قيد المصلحة العامة.
المطلب
الأول: أسس مبدأ قابلية المرفق العامة للتغيير و التعديل
يعتبر
هذا المبدأ من المبادئ العامة و المسلم بها من جانب الفقه والقضاء فهو يمنح للسلطة
الإدارية حق تعديل النظام القانوني الذي يحكم المرافق العامة بما يتناسب مع
التطورات التي تمس النشاطات المختلفة للمرافق[4].
الفرع الأول: الجانب الفقهي
أرجع
فقه القانون الإداري قابلية قواعد المرافق العامة للتغيير والتطوير باستمرار إلى
اعتبارات المصلحة العامة التي من أجل إشباعها وجد تعديل المرافق وفرضته ضرورة
المواءمة المستمرة بين متطلبات الصالح العام وبين الظروف المتغيرة، وأجمع الفقه
كذلك على أن سلطة الإدارة في التغيير والتطوير تمثل مبدأ من المبادئ الحاكمة
للمرافق العامة.
و
قد ذهب الفقه في البحث عن أساس وجود هذا المبدأ القانوني عدة مذاهب تأخذ بدورها
بالنظريات المعروفة بوصفها أساسا للقواعد القانونية عموما، أهم هذا المذاهب نجد
المذهب الشكلي و مذهب القانون الطبيعي، فأصحاب الاتجاه الأول يرى في القاعدة
القانونية تعبيرا عن إرادة المشرع الذي يستند إلى سلطان الدولة، و بالتالي فإن
الدولة التي تملك الإنشاء تملك أيضا الإلغاء و من باب أولى تملك التغيير في كل وقت[5].
أما أصحاب الاتجاه الثاني فيرى بضرورة أن يتغير التشريع حتى يتطابق مع القانون
الطبيعي الذي لا يتغير، فتغيير التشريع معناه أن المجتمع قد اقتنع أن التشريع
المغير لم يكن يتطابق مع القانون الطبيعي مما اقتضى تعديله، و لما كان دور المرفق
العام و هدفه هو تحقيق المصلحة العامة فإن تغيير ضروري كلما تبين عجزه عن تحقيق
هذه المصلحة العامة[6].
الفرع الثاني: جانب القضاء الإداري
استقر
القضاء الإداري أيضا علي أن قابلية قواعد المرافق العامة للتغيير والتعديل مردها
إلى المبادئ العامة للقانون باعتبارها قواعد ملزمة قد تكون مكتوبة تصدر عن المشرع
و قد تكون غير مكتوبة من صنع القضاء[7]، فالقضاء
الإداري وهو يقوم بوضع المبادئ العامة إنما يفعل ما كان يجب على المشرع فعله إذا
ما أراد الإعراب عن إرادته بإصدار تشريع ينظم نفس الموضوع الذي تصدى له القضاء
وقرر بشأنه مبدأ عاما.
وقد
يحدث خلط بين المبادئ
العامة للقانون والحل القضائي فذلك
مرده إلى
أن الأخير
يستخلصه القاضي في قضية معينة و لا يطبقه إلا فيها ولذلك
تكون له فيه حرية كبيرة، إلا أن هذا الحل ليس بقاعدة تتمتع بصفة
العموم و التجريد، أما في استخلاص المبادئ العامة للقانون فللقاضي حرية أقل، ذلك
لأن المبدأ موجود في الحياة الاجتماعية و ليس للقاضي إلا أن
يبرزه ويجعله قاعدة عامة يطبقها في جميع الحالات.
وبالتالي
نستنتج كون المبادئ العامة للقانون تعتبر أحد المصادر غير مكتوبة للقانون الإداري
و التي مصدرها القضاء و لا تستند إلى نص دستوري أو تشريعي صريح تكون له بطبيعته
صفة الإلزامية و إنما أنشأها لإحداث التوازن بين الإدارة و الأفراد و يبتكر النظريات
و القواعد المتفقة مع المبادئ الدستورية العامة و مع الأسس
التي يقوم عليها نظام الحكم في الدولة .
في الحقيقة ان
القضاء استخلص مبدأ قابلية قواعد المرافق العامة للتغيير
والتطوير و
طبقه
كقاعدة عامة
استجابة
لاعتبارات
المصلحة
العامة التي
يقوم من أجل إشباعها المرفق العام وتفرضه ضرورات الموائمة
المستمرة بين تنظيمات
المرفق العام وبين
الظروف المتغيرة ولأن المبدأ يتصف بالصحة والمنطقية فقد
أعترف به الفقه و أقره القضاء في كثير من أحكامه .
و
من تطبيقات هذا المبدأ ان من حق الجهات الإدارية القائمة على إدارة المرفق كلما
دعت الحاجة ان تتدخل بإرادتها المنفردة لتعديل النظم و اللوائح الخاصة بالمرفق أو
تغييرها بما يتلاءم و المستجدات دون ان يكون لأحد المنتفعين الحق في الاعتراض على
ذلك و المطالبة باستمرار عمل المرفق بأسلوب و طريقة معينة و دون التغيير في مركزهم
الشخصي[8]
مثال إصلاح الجامعة و موقف الطلبة منه .
المطلب
الثاني: عوامل تغيير المرافق العامة وتطورها وقيد المصلحة العامة
الفرع
الأول: عوامل تغيير المرافق العامة
من
المعلوم قيام المرافق العامة كافة على أركان أساسية ومنها تحقيق النفع العام والذي
يتمثل بالتنمية الاقتصادية بالنسبة للمرافق العامة الاقتصادية فهي الغرض من إنشائه
وهذا يعني ان السلطة العامة في مجال تنظيم قواعد المرافق العامة الاقتصادية أو
تغيرها تعمل تحت تأثير عوامل اقتصادية إلى جانب تأثرها بعوامل أخري منها السياسية
والفكرية، والاجتماعية ولكن بدرجة اقل أهمية.
كذلك
بالنسبة للمرافق الاجتماعية وهي تهدف إلي تقديم الضمانات أو الخدمات الاجتماعية للمنتفعين
ومن أمثلتها مرفق الضمان الاجتماعي مرفق أسلامية الاجتماعية أو لمكافحة بعض
الأمراض، فهدفها هو ان توفر لفئة من المواطنين الأقل حظوظا بعض الضمانات لمواجهة
المخاطر الملازمة لظروف عيشهم[9] .
وتعد
العوامل الاقتصادية من أهم العوامل التي تؤثر علي تغيير القواعد القانونية عموما
والمرافق الاقتصادية وتطورها علي وجه الخصوص .
و مرد
ذلك إلى طبيعة نشاط المرافق العامة الاقتصادية في الحقيقة تقوم الدولة بدورين
مختلفين أحدهما تقليدي يتمثل حمايتها للمصلحة العامة والثاني تنموي يتمثل في قيام
الدولة بتحقيق التنمية الاقتصادية وهو هدف المرافق العامة الاقتصادية. وقد انتشر
هذا النوع من المرافق العمومية بعد الاستقلال على شكل مقاولات عمومية ووصل عددها إلي
أرقام كبيرة جعلت المسؤولين في بعض الأحيان غير قادرين على تحديدها ومعظمها يوجد
على شكل مكاتب وطنية و صناديق وطنية و مراكز مستقلة و الوكالات المستقلة أو
الشركات العمومية، إذن لا جدال في وجود رابطة وثيقة بين المرفق العام الاقتصادي من
ناحية وتحقيق التنمية الاقتصادية من ناحية أخري، فأسباب تدخل الدولة في التنمية
الاقتصادية راجع بالأساس :
1-
أسباب اقتصادية تكمن في وجوب تدخل الدولة مباشرة في الميادين الاقتصادية دون أن
تبقي مهمتها منحصرة في المراقبة والتوجيه فتدخلها يمتد إلي إدارة النشاط الاقتصادي
بطريقة مباشرة فكانت المقاولة العمومية الأداة التي مكنت الدولة من إحكام قبضتها
علي الشؤون الاقتصادية وتوجيهها حسب ما تقتضيه مخططات التنمية .
2-
أسباب اجتماعية : إن تنوع الحاجات الجماعية وتعددها جعل المبادرة الخاصة غير قادرة
علي تلبية الجزء الأكبر منها ,واقتصر تدخلها علي النوع المربح أما الباقي فيقع
ملؤه بواسطة المقاولات العمومية التي أنشأتها الدولة لهذه الغاية .
3-
أسباب سياسية ناتجة عن رغبة الدولة في احتكار بعض الأنشطة بنفسها . لما تتضمنه من
فائدة سياسية مهمة كما هو الشأن في الإذاعة والتلفزة[10] .
إذن
هناك مجموعة من العوامل التي أدت إلى تدخل الدولة فبعد أن كان في البداية مجرد إجراء
وقائي للخروج من الأزمة أصبح الآن طريقة دائمة لتنظيم وسير الحياة الاقتصادية
والاجتماعية، والغاية من إنشاء أو تعديل و تنظيم هذه المرافق هو تحقيق المصلحة
العامة، هذه الأخيرة تشكل القيد العام على تغير المرافق العامة حيث يرتبط كل من
القانون والدولة بفكرة المجتمع ذاتها وهدف الجماعة هو هدف المصلحة العامة وعل ذلك
يجب علي السلطة العامة ان تتحري موضوع تحقيق المصلحة العامة.
الفرع
الثاني: تغيير المرفق العام و قيد المصلحة العامة
اتفق
الفقهاء قديمهم وحديثهم على أن أساس وجود الدولة هو تحقيق المصلحة العامة وإن هذا
الهدف يحكم جميع تصرفات سلطاتها العامة المختلفة، فإذا افترضنا أن المصلحة العامة
هي ثابتة في الزمان والمكان فإن التقنيات القانونية المادية والمالية والتي تضمن
نشاط المرافق العامة تتطور أيضا، وكل مرفق عام معني يجب أن يتكيف بتكييف وسائله القانونية
والبشرية والمادية الخاصة .
إن
التكييف المستمر للمرفق العام تفرضه ضرورة وتطوير المرافق العامة في تنظيمها
ونشاطها بشكل يجعلها تتوفر على فعالية قصوى في تحقيقها للمصلحة العامة[11]، وبالفعل
فإن السلطات العمومية و الإدارية هي التي تملك صلاحية تقرير مقتضيات المصلحة
العامة وتطوراتها وبالتالي فإن التكييفات التي تلجأ إليها تبعا لهذه المتطلبات
والتطورات قد لا تكون مفضله أو مقبولة من قبل المرتفق لاسيما إلغاء بعض المرافق
العامة المحلية والاتجاه نحو جعل بعض المرافق ذات مردودية، وكذا تقييد ولوج هذه
المرافق .
إلا
أنه من الواضح جدا أن السلطات العمومية والإدارية تكتسب بشكل سريع نظرة خاصة
للمصلحة العامة، والتي قد لا تكون بالضرورة نفس نظرة المستفيدين من خدمات المرافق العامة.
فهذه
السلطات والتي تواجه أعباء مالية كثيرة، تكون مضطرة لاتجاه موقف تجاه المصالح
المختلفة، مما يدفعها من خلال إنشائها وتنظيمها وإلغائها للمرافق العامة للاختيار
والاختبار يعني عدم تحقيق بعض مطالب المرتفقين .
ويمكن
إيجاز خصائص فكرة المصلحة العامة في الخصائص التالية :
1-
فكرة الصالح العام فكرة غير ثابتة بمعني أن لكل مجتمع صالحه العام الذي يرجي
الحقيقة .
بل
إن المجتمع الواحد تتغير نظرته إلي هذا الصالح العام في كل حقبة من حقب تقدمه
وتطوره فتارة يري في النظام الرأسمالي تحقيقا للمصلحة العامة وتارة يري في النظام
الاشتراكي سبيلا إلي هذا العالم العام .
2-
فكرة المصلحة العامة هي فكرة مسيطرة على كثير من النظم السياسية والاجتماعية.
3-
فكرة المصلحة العامة فكرة توفيقية أو تمثل حلا وسطا بين المصالح المتعارضة للأفراد
.
4-
فكرة المصلحة العامة فكرة لا كيان لها ولا تجري فيها دماء المياه لدرجة أن بعض
الفقهاء رأي أن ان المصلحة العامة هي المصالح الفردية توضع بالتناوب في حالة غير
مؤدية أو ضارة .
5-
إن فكرة المصلحة العامة مثل سائر الأفكار غير المعرفة لا يمكن وضع تحديد مضبوط لها.
ولكن يمكن بسهولة اكتشاف حالات انتهاكها إذ أن المشرع عادة لا يظهر من الأعراض إلا
تلك التي تتفق مع الصالح العام بمعناه الواسع مستغلا بذلك سلطته في اختيار أي هدف
يتفق و الصالح العام.
6-
تتميز فكرة المصلحة العامة بأخلاقيتها أو طابعها الأخلاقي فالصالح العام لا يقف عند
كونه مجموعة من الفوائد أو المنافع بل ينطوي علي فكرة إرساء أسس الحياة السليمة
لمجموع الأفراد[12].
المبحث
الثاني: مظاهر و آثار مبدأ قابلية المرفق العام للتعديل والتغيير
بعد
التطرق إلى الإطار القانوني للمرفق العام والربط بينه وبين المصلحة العامة يتبين
أن المرفق العام فكرة متغيرة ومتطورة فلا يمكن أن يجمد نظام المرفق العام عند وضع
معين ولا يجوز أن تبقي أساليبه دون تغيير بل يجب أن يكون بالإمكان دائما و في كل
وقت تطوير نظام المرفق العام. و تطوير أساليبه و تعديل أنماط خدماته متى تكون
دائما و باستمرار متجاوبة مع ضرورات المصلحة العامة و حاجات الجماهير. و
على ذلك يتمثل هذا المبدأ في مظهرين الأول سلطة الإدارة في تعديل عقود المرافق
العامة و الثاني في سلطتها في إنهاء عقود المرافق العامة و تعديلها. و سنتطرق لكل
مظهر على حدة:
المطلب
الأول: مظاهر مبدأ قابلية المرفق العام للتغيير و التعديل
الفرع
الأول: سلطة الإدارة في تعديل عقود المرافق العامة و إنهاؤها
و
من تطبيقات مبدأ قابلية المرفق العام للتغيير حق الإدارة في تعديل عقودها الإدارية
بإرادتها المنفردة دون ان يحتج المتعاقد بقاعدة " العقد شريعة المتعاقدين
" إذ ان سلطة الإدارة في تعديل العقد ليست مطلقة و إنما ترد عليها بعض
القيود، منها أنها تقتصر على نصوص العقد المتصلة بتسيير المرفق و حاجته و لذلك يحب
ان لا تؤدي تلك السلطة إلى تعديل موضوع العقد نهائيا أو تتجاوز إمكانيات المتعاقد
الفنية أو الاقتصادية كما يحظر على الإدارة تعديل النصوص المنظمة للروابط المالية.[13]
فمبدأ
قابلية
المرفق العام للتغيير و التعديل هو حق ثابت الإدارة دون
حاجة إلى
النص عليه
صراحة
و إنه لا يقتصر استعماله على المرافق التي تدار بطريقة الإدارة المباشرة كمرافق
الأمن والقضاء
والدفاع...و إنما يمتد ليشمل جميع أنواع المرافق أيا كانت أسلوب إدارتها لا سيما
المرافق التي تدار بطريقة الامتياز رغم ان الإدارة فيه تكون للملتزم[14].
مثلا
المادة 3 من ق.54.05 المتعلق بالتدبير المفوض تنص على: "يتولى المفوض إليه
مسؤولية المرفق العام مع التقيد بمبدأ المساواة بين المرتفقين و مبدأ استمرارية
المرفق و مبدأ ملاءمته مع التطورات التكنولوجية و الاقتصادية و الاجتماعية" .
الفقرة
الأولى: سلطة الإدارة في تعديل عقود المرافق العامة
إذا
كان القانون الخاص يحترم بكيفية مطلقة مبدأ العقد شريعة المتعاقدين حيث لا يمكن
تغيير شروط العقد أو تعديل بنوده إلا برضا الطرفين فإن القانون الإداري يتجاوز
المبدأ السابق و يعترف للإدارة بسلطة واسعة تقوم بمقتضاها على تعديل شروط العقد بإرادتها
المنفردة فتحذف شروطا و تضيف أخرى جديدة، و يستند حق الإدارة في تعديل شروط العقد إلى
عنصر السلطة الذي يتمتع به و تستخدمه لضمان المصلحة العامة[15] .
فالإدارة
في العقود الإدارية خولت لها سلطات استثنائية بتطبيقها لقواعد غير مألوفة في عقود
القانون الخاص، بقصد الوفاء و إشباع الحاجات العامة و من ذلك سلطتها في تعديل
العقد، فبموجب هذه السلطة تمتلك الإدارة من جانبها وحدها و بإدارتها المنفردة، حق
تعديل العقد أثناء تنفيذه فلها سلطة تعديل التزامات المتعاقد معها على صورة لم تكن
معروفة وقت إبرام العقد، فتزيد من الأعباء الملقاة على عاتق الطرف الآخر أو تنقصها
على خلال ما ينص عليه إبرام العقد و ذلك كلما اقتضت الحاجة إلى ذلك.
لقد
أباح كل من المشرع و القاضي للإدارة إذا حدثت ظروف لم تكن في الحسبان وقت إبرام
العقد الحق في تعديل بنود العقد بما يجعلها ملائمة للظروف المستحدثة لأن الطرفين
المتعاقدين لم يتوقعا هذه الظروف الجديدة و بالتالي يجب البحث عن الإدارة التي كان
من الممكن أن يضعها المتعاقدان نصب أعينهما لو أنهما فطنا مسبقا إلى الظروف
الجديدة، و هذا يؤكد حق الإدارة في تعديل العقد بها يجعل متماشيا مع الأوضاع التي
طرأت بعد إبرامه و أثناء تنفيذه.
إلا
أن سلطة الإدارة في تعديل العقد ليست مطلقة و إنما ترد عليها بعض القيود، منها
أنها تقتصر على نصوص العقد المتصلة بتسيير المرفق و حاجته كذلك يجب ألا تؤدي تلك
السلطة إلى تعديل موضوع العقد نهائيا أو تتجاوز إمكانيات المتعاقد الفنية أو
الاقتصادية كما أنه يحظر على الإدارة تعديل النصوص المنظمة للروابط المالية و بدون
أن يكون للمتعاقد الحق في الامتناع عن إجراء هذه التعديلات. بل و طلب فسخ التعاقد
تأسيسا على أن التعويض الذي تلتزم به الإدارة في مقابل حقها في التعديل لا يكفي
لإصلاح الضرر الناشئ عن هذا التعديل، و لقد أقرت أحكام القضاء الإداري حق الإدارة
في تعديل عقودها إذا استحدث ظروف لم تكن متوقعة وقت إبرام العقد[16]،
و يرى جانب من الفقه الفرنسي أن الإدارة تستطيع إجراء التعديل المشروع لمعطيات
العقد في حالتين الأولى عندما تنص بنود العقد أو دفاتر الشروط صراحة على إجراء هذا
التعديل و الثانية يجري في خارج بنود العقد أو دفاتر الشروط عندما تدعو حاجة
المرفق إلى إجراء هذا التعديل أي أن يكون التعديل لدواعي المصلحة العامة. [17]
و
يتبين أن حدود سلطة التعديل مقيدة بشرطين أساسيين و هما أولا أن يكون قرار التعديل
مشروعا و بالتالي فلا بد أن تكون الجهة التي أصدرته مختصة بإصداره و بنفس الشكل و
الإجراءات المقررة، و أن تكون الأسباب الدافعة لاتخاذه تحقيق المصلحة العامة،
ثانيا هي تغير الظروف عما كانت عليه وقت إبرام العقد، و لا تستطيع الإدارة أن تعمد
إلى إجراء أي صورة من صور التعديل إذا لم تتغير
الظروف و تصبح شروط العقد في الظروف المستجدة غير متلائمة مع مقتضيات الصالح العام
كما لا تستطيع أن تهدف من وراء التعديل إلى خدمة أي مصلحة شخصية أو حزبية أو لمجرد
الانتقام و إلا وقع الأمر المصلحي تحت طائلة البطلان[18]، كذلك تكون ممارسة الإدارة لسلطتها في
التعديل مشروعة و تخضع لرقابة القضاء الإداري.
الفقرة
الثانية: سلطة الإدارة في إنهاء عقود المرافق العامة
كما
سبق و أن أشرنا فإن سلطة الإدارة في تعديل عقودها الإدارية منوطة باحتياجات
المرافق العامة، فهذه السلطة ليست مجرد مظهر للسلطة الإدارية التي تتمتع بها
الإدارة و لكنها نتيجة ملازمة لفكرة المرفق العام و بالتالي فإن الإدارة لها سلطة
إنهاء عقود المرافق العامة تبعا لمبدأ تكييف المرفق العام لإبقاء مرفق عام معين و
الحفاظ عليه لأن مبدأ التكيف يفترض توفر الإدارة على صلاحية وضع حد لعمل المرفق
العام في كل وقت و كلما تبين لها ضرورة لذلك فللإرادة الحق في تقدير فائدة المرفق
العام بالنظر إلى تحقيق الصالح العام لكن يمكنها أن تأخذ بعين الاعتبار في تقديرها
عناصر مالية اقتصادية اجتماعية... من شأنها أن تدفعها إلى إلغاء مرفق عام يقدم
فائدة مباشرة للمرتفقين، لكن القيمة المرتقبة لتكاليف الاستغلال تبقى، تبعا لوجهة
نظر الإدارة موجبة للإبطال[19].
من هنا يتضح امتيازات الإدارة بين المتعاقدين منها حق الإدارة في إنهاء العقد بناء
على سلطتها التقديرية متى قررت أن الصالح العام يقتضي إنهاء العقد حتى في حالة عدم
النص على ذلك في صلب العقد و حتى و لو لم يقع خطأ من جانب المتعاقد فإن سلطتها
التقديرية في ذلك مناطها عدم الانحراف بالسلطة، لأن السلطة المخولة للإدارة في هذا
الصدد تقوم أساسا على فكرة المرفق العام[20].
و
من ثم فإن هناك مجموعة من الضوابط لسلطة الإدارة في إنهاء عقود ما و التي تتمثل في
قيد المصلحة العامة المبررة لاستعمال الإدارة لسلطتها في إنهاء العقود الإدارية، و
هو من القيود الهامة التي تفترض دوما الإدارة ان تتخذها في كافة تصرفاتها و
قراراتها . و بالتالي فان حدود رقابة للإدارة في استخدامها لسلطة إنهاء العقد هو
ان تستهدف المصلحة العامة و ألا تتعسف في استخدام حقها.
و
في هذا الإطار ثار التساؤل حول سلطة القاضي في إلغاء قرار الإنهاء الصادر من الإدارة
إذا لم تستهدف المصلحة العامة أو إذا انحرفت في استعمالها لسلطة إنهاء العقد و نرى
ان الإدارة لا تجبر على استخدام علاقتها التعاقدية مع المتعاقد معها إذا هي رأت من
الاعتبارات ما يمنعها من التعامل مع احد متعاقديها لأسباب سائغة أو إذا قررت عدم
رغبتها في استكمال أعمال المشروع محل التعاقد أو الاكتفاء بما نفق منه أو
الاستغناء عنه نهائيا، أما إذا كان قرارها لا يستهدف سوى إزاحة المتعاقد معها لتحل
بدلا من غيره فإن العبرة هنا بمصلحة المرفق العام. فإذا كانت تتحقق باستمرار
المتعاقد مع الإدارة في تنفيذ الأعمال وجب إلغاء قرار إنهاء العقد أما إذا كانت
مصلحة المرفق العام لا تتبدل بالمتعاقد الأول أو غيره فان حق المتعاقد المنهى عقده
ينصرف إلى التعويض عن الأضرار التي لحقت به إذا كان هناك مقتضي[21].
الفرع
الثاني: سلطة الإدارة في تطوير طرائق إدارة المرافق العامة
إن اختيار وسيلة ما لإدارة مرفق عام، أو التحول
عنها لأخرى، يرتبط بظروف عديدة، منها داخلي يرتبط بأحوال المرفق نفسه و المنتفعين
منه، و منها خارجي يرتبط بالظروف الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية.[22]و
كيفما كان الحال فإن الإدارة تبقى صاحبة القرار في اختيار الطريقة الأمثل لإدارة
المرفق العام من بين الطرق المتاحة.
و في هذا الإطار يمكن رصد اتجاهين رئيسيين
يتضافران من أجل تحقيق أهداف المرافق العامة:
الفقرة الأولى: الإدارة
المباشرة من طرف الإدارة
ويعني هذا ان
تتولى الإدارة القيام بالنشاط الإداري لنفسها ولحسابها فتتولى تنظيم المرفق العام
وتشغيله وتعيين موظفيه وتمويله وتحمل مخاطر التشغيل و الأضرار التي يسببها المرفق
للغير، وتتبع هذه الطريقة بصورة جلية بالمرافق العمومية التي تكون ذات صبغة إدارية
التي لها أهمية لارتباطها بمصالح المواطنين – المنتفعين – الأمر الذي يجعل السلطة
الإدارية تحرص أشد الحرص على إدارة هذا النوع من المرافق العامة مباشرة بنفسها
ضمانا لتحقيق خدماتها بالشكل المرغوب فيه، كما أن الخواص بدورهم لا يقدمون على
إدارتها لعدم تحقيقها في غالب الأحيان لأرباح ومكاسب مادية، أو لارتفاع تكاليفها
أو لأنها على قدر كبير الأهمية والخطورة مما يستحيل معه ترك إدارتها للخواص.
ويترتب
على إتباع الإدارة لأسلوب الإدارة المباشرة ان تستخدم الإدارة أساليب ووسائل
قانونية مستمدة من أحكام القانون الإداري حيث يعتبر الموظفين في المرافق العامة
موظفين عموميين وأموالها أموال عامة وقراراتها قرارات إدارية والعقود التي تبرمها
عقود إدارية.
والأصل ان
تلجأ الإدارة لأسلوب الإدارة المباشرة لإدارة المرافق العامة ذات الطابع الوطني
والتي تشمل خدماتها كافة سكان الدولة وجميع مناطقها .
الفقرة الثانية: استعانة الدولة بالقطاع الخاص
لإدارة المرافق العامة
ففي هذه الحالة يبقى المرفق تابعا للدولة لكن
القطاع الخاص هو الذي يتولى إدارته على مسؤوليته و نفقتهن و قد تلجأ الدولة أحيانا
إلى التخلي عن إدارة مرافقها العامة من خلال تحويل الشكل القانوني للمرفق إلى شركة
اقتصاد مختلط تشترك الدولة و القطاع الخاص في ملكية رأسمالها و إدارتها.
المطلب
الثاني: آثار استعمال الإدارة لسلطتها في تعديل و إنهاء عقود المرافق العامة
الفرع
الأول: آثار استعمال الإدارة لسلطتها في تعديل عقود المرفق العام
قد
تكون ممارسة الإدارة لسلطتها في التعديل مشروعة، و قد تكون غير ذلك و هو ما سنتناوله
في فقرتين متتاليتين.
الفقرة
الأولى: الاستخدام المشروع لسلطة التعديل
إن
القرارات التي تتخذها الإدارة في سبيل تعديلها للمرفق العام حتى و إن كانت تتسم
بالمشروعية، إلا أن هذا الحق من جهة الإدارة يقابله حق المتعاقد معها في التعويض
وفقا لما ينص عليه العقد نفسه، و في هذا الصدد يتمتع طرفي العقد بحرية كاملة في
مجال تحديد التعويض المستحق للمتعاقد نتيجة الممارسة المشروعة لسلطة التعديل من
جانب الإدارة.
و
في أحيان أخرى تكون ممارسة الإدارة لسلطتها في التعديل خارج نصوص العقد و دفاتر
الشروط و التحملات، فحتى في هذه الحالة تحرك مسؤوليتها عن الأضرار الناتجة في حق
المتعاقد و تلتزم الإدارة بتعويضه غير أن هذا التعويض لا يستند على خطأ ترتكبه جهة
الإدارة لأن ذلك يتنافى مع حقها في التعديل لبنود عقود المرافق العامة و إنما يكون
الهدف من التعويض هو إعادة التوازن المالي للعقد الإداري بعد اختلاله نتيجة
استخدام الإدارة لسلطتها المشروعة في تعديل التزامات المتعاقد معها.[23]
الفقرة
الثانية: الاستخدام غير المشروع لسلطة التعديل
إذا
كان التزام الإدارة بتعويض المتعاقد معها عن الأضرار التي تقع على عاتقه بناء على
تدخلاتها المشروعة أثناء تنفيذ العقد الإداري تقوم على أساس مسؤوليتها العقدية بلا
خطأ، فإن الاستخدام غير المشروع لسلطة التعديل يستوجب التعويض على الإدارة أيضا
على أساس مسؤوليتها العقدية على أساس الخطأ تجاه المتعاقد الذي أصابه الضرر من
جراء تجاوز حدود سلطة التعديل.[24]
الفرع
الثاني: آثار استعمال الإدارة لسلطتها في إنهاء عقود المرفق العام
للإدارة
الحق في إنهاء نشاط المرفق إذا قدرت أن اعتبارات المصلحة العامة تقتضي ذلك غير أنه
في حالة ما إذا كان المرفق موضوع قرار الإنهاء يدار بطريقة الامتياز، فإنه و بموجب
عقد الامتياز فإن المتعاقد يتمتع بحقوق منها حق التعويض عن الأضرار الناتجة عن
قرار الإدارة بإرادتها المنفردة إنهاء المرفق العام أو فسخ عقد إدارته، و من هنا يتوجب
معرفة الآثار الناتجة عن إنهاء المرفق العام ثم الآثار الناتجة عن إنهاء عقد إدارة
المرفق العام.
الفقرة
الأولى: الآثار الناتجة عن إنهاء المرفق العام
يقصد
بإلغاء المرافق العامة إنهاء نشاطها ووضع حد لها، وكقاعدة عامة فإن السلطة العامة التي
تملك حق إنشاء المرافق العامة تملك حق إلغاءها متى رأت أن وجودها لم يعد ضروريا.
ويكون الإلغاء بنفس الوسيلة المتبعة في الإنشاء تبعا " لمبدأ توازي
الشكليات"، فإذا كان المرفق العام قد أنشئ بقانون، فإن إلغاءه يكون بقانون أو
بناء على قانون أي بموجب تفويض من المشرع، أما إذا كان الإنشاء بغير قانون فإن
الإلغاء يكون بنفس الطريقة المتبعة في الإنشاء.
و
على أية حال فإن إلغاء المرفق العام ينتج آثارا بالنسبة للمتعاقد مع الإدارة يتمثل
في حقه في التعويض عن الأضرار الناتجة عن قرار الإنهاء، و ليس له أن يحتج في
مواجهة الدولة و لا أن يطالب بإلغاء قرار الإنهاء، لأن ذلك يدخل في نطاق السلطة
التقديرية للإدارة في ممارستها لسلطاتها في تعديل و تغيير المرافق العامة و ما
توجبه من قرارات بما في ذلك قرارات إنهائها.
الفقرة
الثانية: الآثار الناتجة عن إنهاء عقد إدارة المرفق العام
إن
استعمال الإدارة لحقها في إنهاء عقد إدارة المرفق العام يستند إلى غاية تحقيق
المصلحة العامة، فقد تجد الإدارة مصلحة في استرجاع إدارة المرفق من المتعاقد دون
أن يخل هذا الأخير بالتزاماته التعاقدية، و تعمل على تعويض الملتزم، و الدولة
حينما تلجأ إلى هذه الطريقة فإنها تقوم بذلك عندما يتبن لها أن طريقة الالتزام لم
تعد تتفق مع الغاية التي أنشئ من أجلها المرفق استعمالا لحقها في تعديل و تغيير
المرفق العام، و حيث أن الملتزم لم يقصر من جهته، فإن تعويضه يكون حقا مشروعا له
تجاه الإدارة، و لا يمتد هذا الحق إلى الاحتجاج في مواجهة الدولة بحق مكتسب.
غير
أنه، و في أحيان أخرى تتدخل الإدارة من خلال إنهائها لعقد الامتياز كإجراء جزائي
على المتعاقد معها في الحالات التي توجب فسخ العقد، و يفسخ العقد في العقود الإدارية
في حالة خطأ المتعاقد الجسيم أو إذا كان الفسخ يحقق المصلحة العامة و الحالات التي
يفسخ فيها العقد:
1-
إذا استعمل المتعاقد الغش أو التدليس في تعامله مع الجهة الإدارية المتعاقدة
2- إذا أفلس المتعاقد أو أعسر.
3-
إذا أخل المتعاقد بأحد شروطه
و يخضع
لرقابة قاضي العقد للتحقق من انه غير متسم
بالتعسف و ذلك من ناحيتين من ناحية مشروعية الجزاء في ذاته و من ناحية مدى
تناسبه مع درجة إخلال المتعاقد بالتزامه[25]،
خاتمة
و
ختاما فإن مبدأ قابلية نظام المرفق العام للتغيير و التعديل يعد حقا للسلطة
العمومية ويحدث التزامات على الأفراد ، و بالتالي فإنه بالنسبة للعاملين بالمرفق
العمومي بحكم تواجدهم في وضعية نظامية تكون الإدارة ملزمة قدر الإمكان بمراعاة
الحقوق المكتسبة و تطبق التعديل بأثر فوري دون أن يسري على الماضي، و مرد ذلك إلى
ان الموظفين هم عمال المرافق العمومية و بهذه المثابة يجب ان يخضع نظامهم القانوني
للتغيير و التعديل وفقا لمقتضيات المصلحة العامة و يتفرع عن ذلك ان كل تنظيم جديد
سيحدث يسري على الموظف بأثر فوري مباشر، من تاريخ العمل به أما بالنسبة للمتعاقدين
فإذا كانوا مرتبطين مع الإدارة بعقود إدارية فان هذه الأخيرة تتمتع بسلطات واسعة و
يمكنها ان تتدخل لتغيير شروطها، دون ان يكون للمتعاقد الحق في الاحتجاج و لكن له
الحق في المطالبة بالتعويض على أساس نظرية فضل الأمير.
أما
بالنسبة للمنتفعين فلا يمكنهم الاحتجاج على التعديل لأنه يتوافق مع المصلحة العامة
و ما يقتضيه تطور المرفق، غير انه من حقهم حسب الدستور الجديد 2011 في فصله 156[26] إبداء
ملاحظاتهم و اقتراحاتهم و تظلماتهم .
قائمة المراجع
·
الدكتور
محمد نشطاوي، المرافق العامة الكبرى، الطبعة الأولى، أكتوبر 2002. المطبعة و الوراقة
الوطنية.
·
الدكتور
جورج فودال بيار دلفولفيه، القانون الإداري، الجزء الثاني، ترجمة منصور القاضي،
الطبعة الأولى، 1421 هـ -2001م.
·
الدكتور
محمد الأعرج، القانون الإداري المغربي، الجزء الأول، منشورات المجلة المغربية
للإدارة المحلية و التنمية، مواضيع الساعة ، عدد 62، 2009.
·
الدكتور
عبد الله حداد، الوجيز في قانون المرافق العمومية الكبرى، منشورات عكاظ، الطبعة
الثالثة، يناير 2006.
·
الدكتور
عبد الله حداد، صفقات الأشغال العمومية و دورها في التنمية، منشورات عكاظ، الطبعة
الثالثة، نونبر 2004.
·
الدكتور
محمد الأعرج، نظام العقود الإدارية، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية و
التنمية، سلسلة مؤلفات و أعمال جامعية، الطبعة الأولى، 2005.
·
الدكتورة
مليكة الصروخ، نظرية المرافق الكبرى، دراسة مقارنة، الطبعة الثانية، 1992.
·
الدكتور
محمد الأعرج، طرق تدبير المرافق العامة بالمغرب، الطبعة الثانية، 2013.
·
المنتقى
من عمل القضاء في المنازعات الإدارية، إعداد مديرية الشؤون المدنية، منشورات جمعية
نشر المعلومة القانونية و القضائية، يوليوز 2010.
·
دبلوم
الدراسات العليا، المرافق العمومية على ضوء الدستور الجديد، إعداد إبراهيم
الشافعي، سنة2011-2012.
·
الدكتور
سعيد نكاوي، القانون الإداري و القضاء الإداري، دار النشر المعرفة، طبعة 2009.
·
الدستور
المغربي، الطبعة الأولى 2011، مطبعة النجاح الجديدة.
·
الدكتور
محمد العمراني بوخبزة، المرافق العمومية الكبرى، محاضرات ألقيت على طلبة الحقوق،
السنة الجامعية 2000-2001.
·
الدكتور
نوافق كنعان، القانون الإداري، الكتاب الأول، طبعة 2002.
· الدكتور حسن محمد علي حسن البنان، مبدأ
قابلية قواعد المرافق العامة للتغيير و التطوير، الطبعة ألأولى، 2014.
[1] - الدكتور حسن
محمد علي حسن البنان، مبدأ قابلية قواعد المرافق العامة للتغيير و التطوير (دراسة
مقارنة)، الطبعة الأولى، 2014، ص 10.
[2] - الدكتور محمد العمراني بوخبزة، محاضرات
في مادة المرافق العمومية الكبرى، السنة الجامعية 2000-2001، ص 43.
[4] - ينص الفصل 154
من الدستور المغربي 2011: "تخضع المرافق العامة لمعايير الجودة و الشفافية و
المحاسبة و المسؤولية و تخضع في تسييرها للمبادئ و القيم الديمقراطية التي أقرها
الدستور".
[5] - حسن محمد علي البنان، مبدأ قابلية قواعد
المرافق العامة للتغيير و التطوير، المرجع السابق، ص 33-35.
[8] - الدكتور عبد الله حداد، الوجيز في قانون
المرافق العمومية الكبرى، الطبعة الثالثة، 2001، منشورات عكاظ، ص 75.
[13] - الدكتور محمد الأعرج، نظام العقود
الإدارية وفق قرارات و أحكام القضاء الإداري المغربي، مجلة REMALD، الطبعة الأولى،
2005، ص 89.
[14] - الدكتورة مليكة الصروخ، نظرية المرافق
العامة الكبرى، دراسة مقارنة، الطبعة الثانية، 1992، ص 151.
[15] - د. عبد الله حداد، صفقات الأشغال
العمومية و دورها في التنمية، منشورات عكاظ، الطبعة الثالثة، 2004، ص 103.
[21] - حكم المحكمة الإدارية بالدار
البيضاء" و حيث أنه إذا كان الفقه و القضاء الإداريين قد استقرا على أن حق
الإدارة في إنهاء عقودها حتى و لو لم يرتكب المتعاقد أي خطأ و أن للإدارة دائما
سلطتها في إنهاء العقد متى قدرت أن ذلك تقتضيه المصلحة العامة، و سبقى للطرف الآخر
الحق في التعويض إن كان له وجه فإن ذلك رهين بوجود ظروف تستدعي هذا الإنهاء و أن
يكون رائد الإدارة في الالتجاء إليه هو تحقيق المصلحة العامة المقصودة.
[22] - د. حسن محمد علي حسن البنان، مبدأ قابلية
قواعد المرافق العامة للتغيير و التطوير، دراسة مقارنة، الطبعة الأولى 2014، ص 179
- و تطبيقا لذلك قضى مجلس الدولة الفرنسي بأنه:"عندما فرضت
الإدارة تخفيضا في كمية التوريد أو الحمولة المنصوص عليها في العقد فإنها تكون قد
خالفت بذلك التعديل نصوص العقد، فضلا عن إخلالها بالتزاماتها مما يرتب مسؤوليتها،
و لأجل ذلك تسأل الإدارة عن مخالفتها لنصوص العقد بإجراء تعديل غير مشروع على عقد
النقل، حيث لم تسلم المتعاقد سوى 1600 طن لنقلها في حين أنها كانت ملتزمة في العقد
بتسليم 2000 طن".
[25] - المحكمة الإدارية بالبيضاء، حكم عدد 243
بتاريخ 23/09/1996، منشور بالدليل العملي، الجزء الثاني، ص 414.
[26] - ينص الفصل 156 من دستور 2011" تتلقى
المرافق العمومية ملاحظات مرتفقيها و اقتراحاتهم و تظلماتهم، و تؤمن تتبعها".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق