الخميس، 8 أغسطس 2019

الاتجاهات التقليدية لدى مجلس الدولة الفرنسي و محكمة النقض المغربية في الرقابة على السلطة التقديرية للإدارة


يعتبر موضوع السلطة التقديرية للإدارة من أهم موضوعات القانون الإداري، و من أكثر الموضوعات إثارة للنقاش و الجدل بين الفقهاء، فهو موضوع يصعب تحديد معالمه و صياغة نظرية شاملة محكمة تضع له قواعد واضحة و محددة.
 فالمشرع حالة منحه رجل الإدارة سلطة معينة إما يوجب عليه طريق معينة و وسيلة ملزمة و هدف يجب عليه تحقيقه، و هذا ما يسمى بالسلطات المقيدة للإدارة، و إما يترك له نوعا من الحرية في ممارسة سلطة تقدير ملائمة القرارات التي يتخذها بناء على هذه السلطات التقديرية الممنوحة له [1].
و قد استقر غالبية الفقه على أن تمتع الإدارة بسلطة تقديرية لا يفيد تحررها الكامل من الخضوع لمبدأ المشروعية و إفلاتها من رقابة الإلغاء، فحتى في هذا النطاق التقديري تلاحقها قواعد المشروعية و رقابة القضاء الإداري.[2]
و يقصد بالرقابة القضائية إسناد الرقابة على أعمال الإدارة التقديرية إلى السلطة القضائية، باعتبارها سلطة مستقلة عن السلطة التنفيذية، فتقوم المحاكم المختصة ببحث مشروعية و ملاءمة العمل الإداري بناء على طعن صاحب المصلحة، فإذا ما تبين مخالفة أو عدم ملاءمة عمل الإدارة للقانون فإن المحكمة المختصة تقوم بإلغائه.[3]
في الوقت الذي كان يعتبر القاضي الإداري ـ سابقا ـ قاضيا للمشروعية فقط  فهو يقضي و لا يدير، و الأساس الأول الذي يحكم اختصاص القضاء الإداري هو مبدأ فصل السلطات، و معنى ذلك أنه حين يطلب من القاضي أن يتدخل في منازعات الإدارة، فإنه لا يكون له إلا أن ينطق بالقانون في هذه المنازعات، و هو لذلك لا يناقش العمل الإداري موضوع الدعوى إلا من حيث مخالفته أو مطابقته للمشروعية دون أن يمتد بقضائه إلى الملائمات الإدارية[4]، لأن القاضي الإداري في الأصل هو قاضي مشروعية و ليس قاضي ملائمة فذلك من أخص وظائف الإدارة و إطلاقاتها [5].
إلا أنه قد يحدث أن يتدخل القاضي الإداري و يبحث في ملائمة بعض عناصر القرار الإداري و التي كانت في الأصل متروكة لتقدير جهة الإدارة، و قد قيل في تبرير ذلك أن القاضي الإداري له أن يوسع من دائرة مبدأ المشروعية على حساب دائرة الملائمة المتروكة لجهة الإدارة، فينقل بعض المسائل التي يرى من الأفضل أن تخضع لرقابته من نطاق الملائمة إلى نطاق المشروعية، و بالتالي يضيف حالات جديدة للاختصاص المقيد للإدارة، و ذلك لأن للقضاء الإداري أن ينشأ قواعد عامة تضاف للنصوص المكتوبة بمقتضى ما يملكه من سلطة إنشاء مبادئ القانون الإداري بوصفه قضاء إنشائيا و ليس مجرد قضاء تطبيقي.[6]
و القضاء الإداري في رقابته على السلطة التقديرية للإدارة عرف تطورا، و كان مجلس الدولة الفرنسي سباقا لإنشاء قواعد هذه الرقابة و تطويرها الشيء الذي جعل الفقه يقسم هذا المجال إلى الرقابة القضائية التقليدية، و الرقابة القضائية الحديثة على ممارسة الإدارة للسلطة التقديرية.
لقد انطلق مجلس القضاء الفرنسي بادئ ذي بدء من اعتبار أنه ليس للقاضي الإداري أن يحل تقديره محل تقدير الإدارة، لأن ذلك يدخل ضمن مبدأ حظر توجيه القاضي الإداري أوامر للإدارة أو حلوله محلها [7]، و جاء ذلك في سياق منع رجال الثورة الفرنسية القضاء التدخل في أعمال الإدارة لضمان عدم عرقلة نشاطها كون رجال الثورة كانوا ينظرون إلى القضاة في تلك الفترة بعين الريبة، و رغم أن مجلس الدولة لم يكن يعاق أو يمنع من ممارسته للرقابة على أعمال الإدارة بما في ذلك رقابته على سلطتها التقديرية، إلا أنه كان يضع قيدا ذاتيا على نفسه، و هذا ما دفع الفقيه " هوريو" بأن يقول: ( الإدارة تقع في نظامنا القانوني أعلى من القاضي أيا كان نوعه، و سيكون أكثر اتفاقا مع أحكام القانون أن يصبح القاضي الإداري أعلى من الإدارة، و لدينا الاقتناع بأن هذا الانقلاب في الأمور سوف يحدث مستقبلا).[8]
و بالفعل، سرعان ما قام مجلس الدولة الفرنسي بإنشاء قواعد للرقابة على السلطة التقديرية، و مما ساعده في ذلك أنه لم يكن أسيرا للنصوص التشريعية، و إنما كان حرا طليقا من القيود ما دام يستهدف تحقيق الصالح العام، كما أن الثقة التي حظي بها لدى الإدارة، و المكانة التي تبوأها بين أرجائها، كانت السبب في احترام الإدارة لمبادئه و العمل بأحكامه، كما أن أوجه الطعن بالإلغاء المعروفة لم تنشأ في قضائه دفعة واحدة و إنما جاءت على مراحل بحسب الظروف التي مر بها لعدم تحديدها تشريعيا في القانون الفرنسي.[9]
و مما ساهم في إنجاح مهمة المجلس أيضا، أنه التزم جانب الحيطة و الحذر، حتى لا يثير حفيظة الإدارة، فكان يضع قواعده بحكمة شديدة، في صيغ موجزة، على درجة من المرونة، تفسح المجال أمامه لتطويرها بما يتماشى مع ظروف الإدارة المتجددة و حاجاتها المستقبلية.[10]
أما في المغرب فالاتجاه الذي اعتمده المجلس الأعلى منذ نشاته بمقتضى الظهير الشريف الصادر في 27 شتنبر 1957، ثم أصبح بموجب دستور 2011 يسمى بمحكمة النقض، و منذ إحداث الغرفة الإدارية، لا يذهب إلى مراقبة السلطة التقديرية للإدارة، و قد تجلى ذلك بوضوح من خلال العديد من القرارات الصادرة عنه و التي تؤكد امتناع المجلس عن مراقبة السلطة التقديرية المخولة للإدارة في كثير من المجالات:
ففي مجال التأديب: صدر في 26/11/1962 قرار في قضية "محمد الدانج" حيث أعلن عدم مراقبة تقدير أهمية و نوعية العقوبة و مدى تناسبها و ملاءمتها مع الجريمة التأديبية لأن ذلك مما تستقل الإدارة بتقديره، و لا يعقب عليها من القضاء الإداري.
و في مجال الشؤون الاقتصادية نجد القرار الصادر في 20/11/1970 في قضية "شركة الكتراس" ضد مدير مكتب الصرف الذي جاء فيه : ( مكتب الصرف كان مستقلا بتقدير ملائمة أو عدم ملائمة منح الترخيص المطلوب الذي يتعلق بميدان حيوي من الاقتصاد الوطني و لا يخص استثمارات جديدة مقبولة من طرف لجنة الاستثمار، و لا معقب عليه في ذلك...)
القرار الصادر في 07/02/1962 بعد التعقيب على التقرير الذي أجرته الإدارة في رفض أحد الأفراد الرامي الحصول على ترخيص لمزاولة مهنة وكيل سوق الجملة للخضر و الفواكه بالدار البيضاء.
فهكذا يتضح ان القضاء الإداري المغربي كان لا يتجه إلى مراقبة السلطة التقديرية للإدارة قبل أن يغير موقفه بفعل التطور الذي عرفه و الذي يسعى إلى تحقيق العدالة و البحث عن التوازن المنشود بين امتيازات الإدارة و حقوق الأفراد و حرياتهم، حيث نحى الاجتهاد القضائي إلى فحص الملائمة بالقدر الذي يوصله إلى عيوب مشروعية القرار الإداري محل الطعن ما لم يوجد نص صريح يمنع على القاضي التعرض لهذه الملائمة سيرا على نهج القضاء الفرنسي الذي ابتكر هذا الحل منذ الستينات من القرن الماضي.
و يأتي في هذا السياق القرار القاضي بإلغاء قرار وزير الشؤون الخارجية الذي استدعى المدعية التي كانت في وضعية إلحاق من فرنسا إلى المغرب و وضعها رهن إشارة إدارتها الأصلية التي هي وزارة التربية الوطنية لصدوره في وقت غير مناسب، و هكذا فقد اعتبرت الغرفة الإدارية أن الوقت الذي تم فيه استدعاء المعنية بالأمر غير مناسب لأن الإدارة لم تراعي فيه الظروف العائلية و الشخصية للمعنية بالأمر، حيث كانت المدعية متزوجة و مقيمة في فرنسا مع زوجها و أبنائها.
لقد تبينا من خلال ما سبق كيف أن مجلس الدولة الفرنسي و كذا محكمة النقض المغربية قيدا مراقبتهما للسلطة التقديرية للإدارة في بداية تحولهما نحو ممارسة هذه الرقابة في الحدود التي توصل إلى عيوب المشروعية للقرار الإداري، و قد استقر الفقه على التمييز بين الحدود الداخلية و الخارجية للرقابة التقليدية على السلطة التقديرية [11]للإدارة، و هو ما يدفعنا إلى تقسيم موضوعنا هذا إلى مبحثين نتناول في الأول الرقابة على الحدود الخارجية و في الثاني الرقابة على الحدود الداخلية للسلطة التقديرية للإدارة.
المبحث الأول: الرقابة القضائية على الحدود الخارجية للسلطة التقديرية للإدارة
يتعين على الإدارة حال ممارستها لسلطتها التقديرية أن تحترم جميع أوجه المشروعية، و المشروعية الخارجية هي إحدى هذه الأوجه و التي تتعلق بالأركان الخارجية للتصرف الإداري، فتشمل ركن الاختصاص و قواعد الشكل و الإجراءات و عيب الانحراف بالسلطة التي يجب إتباعها في إعداد القرار و إصداره.
و هو ما يقتضي بحث هذه العيوب في مطالب متتالية.
المطلب الأول: عيب عدم الاختصاص
سنبحث في هذا المطلب مفهوم عيب عدم الاختصاص (الفرع الأول) و صوره (الفرع الثاني)
الفرع الأول: مفهوم عيب عدم الاختصاص
تقوم فكرة الاختصاص على أساس صدور القرار الإداري من الشخص المختص قانونيا بإصداره لا من أي شخص آخر، وذلك طبقا لمبدأ التخصص [12]، غير أنه في بعض الأحيان يترك المشرع للإدارة سلطة تقدير مدى اختصاصها بإصدار قرار معين و هو ما يثير في الغالب مسألة السقوط في عيب عدم الاختصاص كأن تقوم الإدارة بإصدار قرار لا يدخل ضمن اختصاصاتها و هو ما يسمى بعدم الاختصاص الإيجابي [13]،
و بالتالي يكون تقديرها هذا معيبا، ونذكر كمثال على ذلك:  حكم المحكمة الإدارية بمراكش الصادر بتاريخ 15-12-1999 الذي اعتبر قرار مجلس الوصاية البات في شأن استغلال أراضي الجيش متسما بعيب الاختصاص الموجب لإلغائه باعتبار ان الفصل 16 من الظهير المؤرخ في 27-4-1999 يحصر اختصاصات مجلس الوصاية في تنظيم وصايته على الجماعات وتدبير شؤون أملاكها وتفويتها مستثنيا أراضي الجيش.[14]
كما يمكن للإدارة أيضا أن تدفع بعدم اختصاصها في إصدار القرار و الواقع أنها تملك هذا الاختصاص ، و هذا ما يسمى بعدم الاختصاص السلبي[15]. و مثال لذلك حكم إدارية أكادير عدد 28/2008 في الملف عدد 108/2007 بتاريخ 21/02/2008 و القاضي بكون ممارسة الجمعيات لأنشطتها لا تخضع في القانون المغربي لنظام الترخيص بل لنظام التصريح و الهدف من إيداع التصريح لدى السلطة المحلية بتأسيس جمعيات أو بإدخال تغييرات أو تعديلات على الهياكل المسيرة لها هو مجرد إخبار الإدارة بحصول التغييرات المذكورة، فالقرار الضمني برفض تسليم الطاعنة الوصل المؤقت مقابل إيداع تصريح بتجديد انتخاب مكاتبها لدى سلطة محلية مخالفة للقانون و يتعين إلغاؤه.
الفرع الثاني: صور عيب عدم الاختصاص
لعيب عدم الاختصاص صورتين، فقد يكون بسيطا، حينما يصدر القرار موظفا متجاوزا لنطاق اختصاصه، وقد يكون جسيما، أو ما يسمى اغتصاب السلطة، وذلك إذا تضمـن اعتداء من السلطــة الإداريـة علـى اختصاصات السلطة التشريعية أو القضائية أو اغتصب فرد عادي سلطة إصدار القرار.
الفقرة الأولى: عدم الاختصاص البسيط
يكون عيب عدم الاختصاص بسيطا أو عاديا، حينما يقع في داخل النطاق الإداري، وهذه الصـورة هـي الأكثر شيوعا و الأقل خطورة من حيث ما يترتب عليها من آثار.
ولعيب عدم الاختصاص البسيط ثلاث صور تقليدية بحسب النطاق الذي تجاوزه مصدر القرار.
أولا: عدم الاختصاص الموضوعي
 تتحقق هذه الصورة، إذا أصدرت جهة إدارية، قرارها في موضوع لا تملك قانونا إصدار القـرار بشـأنه، لأنه يدخل في اختصاص جهة إدارية أخرى.[16] و قد يتجلى هذا العيب في اعتداء عدة صور:
1 – اعتداء جهة إدارية على اختصاص جهة إدارية موازية: كأن يعتدي وزير على اختصاص وزير آخر.
2- اعتداء جهة إدارية دنيا على اختصاص جهة أعلى منها: أي أن تباشر جهة إدارية الاختصاصات التي أوكلها المشرع لجهة إدارية أعلى منها في سلم التدرج الوظيفي.
3- اعتداء جهة إدارية عليا على اختصاص جهة أدنى منها: فقد يحدد القانون لجهة إدارية اختصاصات لا تملكها الجهة الإدارية التي تتبعها تلك الجهة وخاصة بالنسبة للهيئات التي تتمتع بقدر من الاستقلالية في عملها كالجامعات، فإن باشرت الجهة الإدارية العليا تلك الاختصاصات شاب تصرفها البطلان،  فالقاعدة أن للرئيس الهيمنة على أعمال المرؤوس، إلا أنه وفي حالات معينة قد يخول المشرع المرؤوس اختصاصاً معيناً دون أن يكون للرئيس التعقيب عليها ومن ثم فإذا فعل ذلك كان منه اعتداءً على اختصاص المرؤوس فيقع قراره معيباً.
 4- اعتداء الإدارة المركزية على اختصاص الإدارة اللامركزية أي أنه يجب ممارسة الرقابة وفق القانون،فلا رقابة بلا نص ولا رقابة خارج حدود النص، فرقابة السلطة المركزية على السلطات اللامركزية هي رقابة وليست سلطة رئاسية، فلا تحل نفسها محل الإدارات اللامركزية لمباشرة بعض اختصاصاتها إلا إذا توفرت شروط الحلول.
 ثانيا: عدم الاختصاص المكاني
 يتحقق عيب عدم الاختصاص المكاني، عندما يصدر أحد رجال الإدارة العامة قرارا، يتجاوز به الدائرة أو النطاق الإقليمي، الذي له أن يمارس فيه اختصاصاته، ذلك أنه إذا كان لـبعض رجـال الإدارة أن يمارسـوا اختصاصهم على إقليم الدولة كلـه كرئيس الدولة، فإن المشرع كثيرا مــا يحدد النطاق المكـاني الـذي لا يجوز لرجل الإدارة أن يتعداه حين يمارس اختصاصه. [17]
ثالثا: عدم الاختصاص الزماني
 من المقرر أن أي اختصاص محدد لموظف أو جهة إدارية ،إنما يكون قابلا للممارسة طالما ظل شـاغلا للوظيفة العامة ،ومن ثم إذا باشر موظف ما اختصاصه في إصدار قرارات إدارية معينة ،قبل تحقق صلاحيته القانونية في إصدارها ،كأن يصدر رئيس مصلحة قرارا تأديبيا ضد موظف، قبل أن يـتم تعيينـه أو ترقيتـه بصفة نهائية إلى درجة رئيس مصلحة ،أو أن يصدر هذا القرار بعد انتهاء ولايته في إصدار القـرار نتيجـة الاستقالة مثلا أو نقله أو انتدابه لوظيفة أخرى.
فالقرارات الصادرة من الموظف في كل هذه الأحوال تكون مشوبة بعيـب عـدم الاختصـاص الزمـاني لصدورها مجاوزة لفترة ولايته الوظيفية،  وبهذا فان لعيب عدم الاختصاص الزماني حالتين هما:
1.     صدور القرار قبل تقلد مهام الوظيفة أو بعد انتهاء الرابطة الوظيفية
2.     صدور القرار بعد انتهاء المدة الزمنية المحددة لإصداره
و كمثال على عيب عدم الاختصاص الزماني نذكر الحكم الصادر عن إدارية أكادير عدد 57/2004 ملف رقم 146/2003 " حيث أنه بالرجوع فعلا إلى القرار المطعون فيه نجد أنه صادر عن رئيس ... تأطير و تأهيل أطر الإدارة التربوية بالكتابة العامة لوزارة التربية الوطنية، و هذا المنصب تم إلغاؤه بمقتضى المادة 4 من المرسوم 19.7.2002 لذلك يكون القرار المطعون فيه قد صدر من جهة غير مختصة مما يتعين ألغاؤه"
الفقرة الثانية: عدم الاختصاص الجسيم
 قد تبلغ مخالفة القرار الإداري لركن الاختصاص، حدا من الجسامة لدرجة تفقده صفته الإداريـة، حيـث يتحول إلى عمل مادي، حيث يكون مصدره مغتصبا لسلطة لم يمنحه المشرع إياها.
كما أن عيب عدم الاختصاص الجسيم ،لا يؤدي إلى إلغاء القرارات الإدارية ،وإنما يؤدي إلـى انعـدامها  ،أي إلى فقدانها كل من الصفة القانونية والطبيعة الإدارية ،وتتحول إلى مجرد أعمال مادية، و يظهر عدم الاختصاص الجسيم في عدة حالات هي :
أولا: اغتصاب فرد عادي سلطة إصدار القرار
 هذه الصورة تفترض أن شخصا عاديا، لا صلة له بالإدارة يمنح نفسه حق إصدار قرارات إدارية، مقحمـا نفسه في الاختصاصات الإدارية، في حين لم يمنحه القانون هذا الحق. وتفاديا للآثار المترتبة على الانعدام في حالة صدور قرار إداري من فرد عـادي ،وتقـديرا للاعتبـارات العملية ،ورغبة في دوام سير المرافق العامة بانتظام، فقد أبتدع مجلس الدولة الفرنسي نظرية الموظف الفعلي ، وتقوم هذه النظرية على ترتيب آثار قانونية على بعض القرارات الصادرة عن أفراد ليسوا ضمن السـلطة الإدارية حماية للمتعاملين مع المرفق من الغير حسني النية، وتقديرا للاعتبارات العملية التي جعلـت هـؤلاء الأفراد موظفين فعلا، وليس قانونا، وتعامل معهم الأفراد بهذه الصفة.[18] و ذلك في الظروف الاستثنائية كحالة الحرب أو الكوارث الطبيعية، و قد اعترف القضاء الإداري بمشروعية القرارات المتخذة من هولاء الموظفين الفعليين بناء على الضرورات العملية و قاعدة استمرار المرافق العمومية بانتظام ة اضطراد.
ثانيا: اعتداء السلطة التنفيذية على اختصاص السلطة القضائية والتشريعية
وفقا لمبدأ الفصل بين السلطات، والذي يحول دون ممارسة سلطة ما اختصاص أناط به المشرع سـلطة أخرى، فإن السلطة التنفيذية لا تستطيع أن تحل محل المشرع في إصدار التشريع، والذي يحتاج إصداره إلـى العديد من المراحل والإجراءات، وهذا ما لا تملكه السلطة التنفيذية التي يقتصر دورها على تنفيذ التشريع، كما أنها لا تستطيع إصدار قرار في موضوع يدخـل فـي اختصـاص السلطة القضائية، فإن هي فعلت ذلك كان قرارها موصوما باغتصاب السلطة:
وهذا ما جاء في قرار محكمة النقض رقم 84-60 بتاريخ 21 ماي 1960،’ اذ اعتبرت قرار رجل السلطة المحلية (قائد) بإغلاق محل متنازع حول استغلاله بين الشركاء قرارا يتجاهل مبدأ الفصل بين اختصاصات كل من السلطتين القضائية والإدارية ويشكل اعتداء على اختصاص السلطة القضائية
و ما جاء أيضا في قرار مجلس الدولة الفرنسي في 31 ماي 1957 - قضية روزان جيرار Rosan Girard .
إن الانتخابات المحلية في بلدية مول في قوادالوب La commune du Moule à la Guadeloupe  في شهر أبريل 1953 تميزت ببعض الاضطرابات التي دفعت المحافظ عند عمليات الفرز أن يطلب من رئيس البلدية - المنتهية ولايته - الذي يرأس مكتب تركيز النتائج نقل صناديق الاقتراع إلى مجلس المحافظة حتى يتولى المحافظ بنفسه فرز الأصوات و إعلان النتائج.
 رئيس البلدية رفض، غير أن أحد الصناديق تم حجزه من طرف رجال الدرك، ولكن مع ذلك صرح مكتب التركيز بالنتائج و أعلن فوز رئيس البلدية المنتهية ولايته.
عندئذ قرر المحافظ إلغاء تلك الانتخابات و شكل مندوبية بلدية خاصة أعادت الانتخابات و نتج عنها انهزام رئيس البلدية المنتهية ولايته دون إحالة الأمر على قاضي الإنتخابات.
السيد روزان جيرار طعن بالإلغاء ضد قرار المحافظ القاضي ببطلان الإنتخابات وإعادتها من جديد ، و قد استجاب له مجلس الدولة رغم أن أجل الطعن قد انقضى.
 واعتبر مجلس الدولة أن القرار المطعون فيه يعتبر لاغيا و بدون أثر بسبب خطورة تعدي الإدارة على صلاحيات قاضي الإنتخابات
ثالثا: الاعتداء على السلطة الملكية:
يمكن الإشارة في هذا الصدد إلى ما الحكم الصادر عن إدارية الرباط في حكم لها بتاريخ 26/06/2007 تحت رقم 1430 بين إدريس كرم ضد الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء و التي قضت بما يلي: "إن قرار الأمين العام بالاستغناء عن خدمات الطاعن هو قرار مشوب بعيب عدم الاختصاص الجسيم و ذلك لاغتصاب سلطة إدارية لاختصاصات مخولة لسلطة أخرى داخل الدولة بما في ذلك الاختصاصات التي تعود لمؤسسة الملك و بالتالي فإن اتسام القرار المطعون في بعيب عدم الاختصاص الجسيم يجعل طلب إلغائه مبررا"
المطلب الثاني: عيب الشكل و الإجراءات
يتمثل عيب الشكل و الإجراءات في عدم احترام القواعد الإجرائية أو الشكلية المحددة لإصدار القرارات الإدارية في القوانين واللوائح، سواء كان ذلك بإهمال تلك القواعد كلية أو بمخالفتها جزئيا.
وقواعد الشكل والإجراءات، ليست مجرد روتين أو عقبات ،وإنما هي في حقيقتها ضمانات للإدارة يمنعها من التسرع وتهديد حقوق الأفراد وحرياتهم ،وحملها على التروي في ذلـك، ووزن الملابسـات والظـروف المحيطة بموضوع القرار تحقيقا للمصلحة العامة ،وهو الأمر الذي يحقـق أيضـا ضـمانات للأفـراد ضـد احتمالات تعسف الإدارة، وكما يقول الفقيه الألماني "اهرنج" "فإن الشكليات والإجراءات تعد الأخـت التـوأم [19] للحرية وهي العدو اللدود للتحكم والاستبداد.
فمن ناحية الشكل، فإن المشرع لم يلزم الإدارة بشكل معين لقراراتها إلا في حالات محددة و التي ينص فيها القانون صراحة على ضرورة إصدار بعض أنواع القرارات الإدارية بشكل معين بالذات:
و هذا ما أكدته المحكمة الادارية بالرباط في قرارها الصادر بخصوص الملف الاستعجالي عدد 1-97 بتاريخ 8-1-1997 و الذي جاء فيه: " إذا نص القانون صراحة على ضرورة إصدار بعض أنواع القرارات الإدارية بشكل معين بالذات فان الإدارة في هذه الحالة تنتفي سلطتها التقديرية في اختيار الشكل، و تصير ملزمة بإتباع الشكل الذي فرضه القانون دون غيره من الأشكال, و في حالة العكس فان قرارها يصبح قابلا للإلغاء لمخالفته للشكل القانوني الواجب احترامه.
أما من ناحية الإجراءات القانونية التي يجب أن تسبق بعض القرارات الإدارية متعددة ومتنوعة وتعني مجموع  العمليات التي يجب على الإدارة إتباعها قبل الإقدام على اتخاذ القرار الإداري. وتختلف الإجراءات من قرار لآخر حيث من الممكن أن تتعلق مثلا بضمان الحق في الدفاع.
        وهكذا قضت المحكمة الإدارية بمراكش بتاريخ 27-9-2000 بإلغاء القرار الإداري الصادر عن رئيس المجلس الجماعي لسيدي بوعثمان القاضي بعزل الطاعن عن عمله لان القرار انطوى على مخالفة أساسية تتجلى في تفويت الفرصة  عليه للدفاع عن نفسه ( طبقا للفصلين 66 و67 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية ) ومن تم  خرق الضمانات التأديبية قبل اتخاذ العقوبة[20] .

المطلب الثالث:عيب الغاية (الانحراف بالسلطة)
يقصد بعيب الانحراف بالسلطة ،استخدام الإدارة لسلطتها التقديرية في غير الغرض المخصص لها ، فالإدارة في ممارستها لسلطتها التقديرية يجب أن تهدف دائما إلى تحقيق الصالح العام، فإن خرجت عن هـذا الغرض إلي غرض آخر أيا كان السبب، فإن قرارها يكون مشوبا بعيب الانحراف في استعمال السلطة، و تقتضي دراسة مفهوم الانحراف بالسلطة أن نتناول، تعريف الانحراف بالسلطة ونطاقه أولا، ثم الطبيعـة القانونية لعيب الانحراف بالسلطة ثانيا.
الفرع الأول: تعريف عيب الانحراف بالسلطة ومجاله
لقد تعددت تعريفات الفقهاء لعيب الانحراف بالسلطة، غير أن التعريف الأكثر شمولا هو اعتبار: "الانحراف بالسلطة هو قيام رجل الإدارة باستخدام السلطات التي خولها له القانون لتحقيق أهـداف مخالفة للأهداف التي حددها ذلك القانون، ولو كانت أهدافا مشروعة في حد ذاتها وسواء أكان ذلك بحسن نية أو سوء نية".
الفرع الثاني: الطبيعة القانونية لعيب الانحراف بالسلطة
لقد اختلف الفقهاء في تحديد الطبيعة القانونية لعيب الانحراف بالسلطة، فمنهم من يدخل هذا العيـب فـي مجال الرقابة على المشروعية، ومنهم من يرى أن هذا العيب يتجاوز فكرة الشرعية أو القانونية، ليندرج فـي مجال أفسح وأعمق وهو ما يسميه أصحاب هذا الاتجاه، برقابة الجانب الخلقي لأعمال الإدارة.
الفقرة الأولى: عيب الانحراف بالسلطة وجه من أوجه الرقابة الخلقية
 ترجع فكرة الأخلاق الإدارية أساسا، إلى الفقيه الفرنسي الكبير هوريو ،ثم تبعه فيها الكثير من تلاميـذه ،فهو يرى أن فحص المشروعية لا يكفي وحده في قضاء تجاوز السلطة ،ولكن على القاضي الإداري أيضـا أن يفحص ملاءمة القرارات الإدارية، وذلك بإضافة عنصر جديد إلى عنصر المشـروعية و هـو عنصـر الأخلاق الإدارية، و المقصود بها قواعد حسن الإدارة، و هي أن تمتلك السلوك العملي الذي يميز بوضوح بين ما هو حسن و ما هو سيء، و لأن الإدارة لها سلوك عملي، إذا فإن لديها أخلاقا إدارية.[21]
الفقرة الثانية: عيب الانحراف بالسلطة وجه من أوجه عدم المشروعية
و يقصد به عيب الغاية أو عيب الغرض و هو الهدف النهائي الذي يستهدفه مصدر القرار ، وقد عرف الدكتور سليمان الطماوي ركن الغاية بأنه " النتيجة النهائية التي يسعى رجل الإدارة إلى تحقيقه " لهذا نجد ان هناك اختلاف بين السبب والغاية التي يسعى رجل الإدارة إليها ، فالغاية تمثل الجانب الشخصي او العنصر الداخلي او النفسي لدى مصدر القرار ’ اما السبب فهو يمثل الجانب المادي في القرار الاداري او العنصر الخارجي البعيد عن ارادة مصدر القرار.
وركن الغاية حسب الفقه المقارن وخصوصا الفقه الفرنسي (العميد بونار والعميد دوجي) يذهب إلى ان الغرض في القرار الإداري يمثل عنصرا نفسيا، لان رجل الإدارة المختص بإصدار القرار يتجه فكره إلى لتحقيق هذه النتيجة أو تلك ، أي انه يتخذ القرار الإداري للوصول إلى نتيجة معينة، وبذلك نكون بالفعل في إطار عملية نفسية بحتة تتمثل في رغبة توصله إلى نتيجة معينة، غير ان هذه الرغبة ينبغي ان تكون متفقة مع الغرض الذي أراده القانون ، لذلك كانت صحة الغرض في القرار الإداري تمثل شرطا جوهريا في شرعيته وركنا أساسيا من أركانه .
 فمن المسلم به لدى الفقه والقضاء، أن الرقابة على انحراف الإدارة بسلطتها التقديرية هي رقابة مشروعية بمعنى آخر أن القرار الإداري المشوب بعيب الانحراف هو قرار إداري غير مشروع، لأن رجـ ـل الإدارة وقد تنكر للغاية التي هي ركن أساسي في كل قرار إداري يكون قد خرج على القانون. وبهذا يرى معظم الفقه أن التكييف السليم للطبيعة القانونية للانحراف بالسلطة هو أنه مجـرد امتـداد لعـدم المشروعية. وحماية القضاء الإداري للأفراد من انحراف الإدارة بسلطتها التقديرية، ما هي إلا حماية لمبدأ المشروعية، ذلك أن الانحراف بالسلطة هو عيب يشوب الغاية من إصدار القرار.
الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بالرباط في الملف عدد 98-5-2012 الصادر بتاريخ 03/01/2013 " ثبوت حالة التغيب المبررة قانونا يترتب عنه بطلان مسطرة ترك الوظيفة لعدم انطباقها على واقعة المرض المبرر قانونا، لكون سلوك الإدارة مسطرة الفصل 75 بدل افصل 42 من نفس القانون الذي يخول الإدارة حق المراقبة و التثبت من الحالة الصحية و مدى استمراريتها لترتب عليها الأثر القانوني اللازم بحسب طبيعة المرض و درجته و تأثيره على الوظيفة لا سيما مع إقرارها بالطبيعة المؤقتة للغياب حسب محضر الانقطاع يجعل القرار الإداري المطعون فيه متسما بالانحراف في استعمال السلطة في الجانب المتعلق بتحويل المسطرة بكيفية غير مشروعة حيادا على الضوابط القانونية".[22]
المبحث الثاني: الرقابة القضائية على العناصر الداخلية للسلطة التقديرية للإدارة
تتمثل العناصر الداخلية للسلطة التقديرية في عيب السبب (المطلب الأول) و عيب المحل ( المطلب الثاني)
المطلب الأول: عيب السبب
سبب القرار الإداري هو الحالة الواقعية أو القانونية التي تتم بعيدا عن رجل الإدارة فتوحي إليـه باتخـاذ قرار إداري، و تمثل رقابة القضاء الإداري على سبب القرار الإداري جانبا من أهم جوانب الرقابـة القضـائية على السلطة التقديرية للإدارة، إذ يستطيع القضاء أن يتبين عن طريق فحصه لهذا الجانب، مـدى احترام الإدارة لمبدأ المشروعية، وحسن تطبيق القانون.
وقد صارت المحاكم الإدارية على إلغاء القرارات المشوبة بعيب السبب، حيث جاء في حكم للمحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 28-9-1995 "بأنه بعد دراسة المحكمة لمعطيات القضية تبين لها أن المخالفة المنسوبة للطاعن لا يوجد بالملف ما يثبتها ,إذ كان عليها أن تتأكد من صحة الوقائع و تحرر تقريرا بذلك و هو ما لم تفعله ,مما يستوجب الحكم بإلغاء المقرر المطعون فيه لعيب انعدام السبب
الفرع الأول: الرقابة على الوجود المادي للوقائع
إن دراسة الرقابة القضائية على الوجود المادي للوقائع تقتضي منا أن نتطرق إلى: ماهية الرقابة على الوجود المادي للوقائع، ثم سلطات القاضي الإداري في الرقابة على الوجود المادي للوقائع.
الفقرة الأولى: ماهية الرقابة القضائية على الوجود المادي للوقائع
إن الرقابة على الوقائع لم تظهر طفرة واحدة بل مرت بتطورات طويلة، وهي من اكتشاف مجلس الدولة الفرنسي، هذا الأخير الذي لم يبسط رقابته على الوقائع إلا منذ تاريخ حديث نسبيا، يرجع إلى أوائل القرن 20 ،أما قبل ذلك ولمدة طويلة فقد ظل المجلس يرفض بسط رقابته على الوقائع ،قاصرا هذه الرقابة على الجانب القانوني للنزاع، حيث استقرت سلطة مجلس الدولة في إجراء رقابته على تكييف الإدارة للوقائع بصدور مجموعة من الأحكام الشهيرة على رأسها حكم جومل GOMEL،[23] الذي أصدره مجلس الدولة الفرنسي في 04 أبريل 1914
غير أن قضاء المجلس قد تطور بعد ذلك، نحو مراقبة الوجود المادي للوقائع وذلك في جميع المجالات، متى كانت هذه الوقائع شرطا يلزم توافره لتدخل الإدارة، وقد استقر هذا القضاء نهائيا بصدور حكم كامينو CAMINO، في 14 يناير 1916.[24]
ويشترط لصحة الوقائع التي تستند إليها الإدارة في إصدار قرارها، أن تكون محققة الوجود وقائمة حتـى تاريخ إصدار القرار الإداري، فيجب أن تكون الوقائع التي استندت إليها الإدارة في إصدار قرارها قد وقعـت فعلا، أي يجب أن يكون سبب القرار صحيحا من الناحية المادية و الواقعية، و إلا كان القرار معيبا في سـببه .
الفقرة الثانية: سلطات القاضي الإداري في الرقابة على الوجود المادي للوقائع
درج القضاء الإداري على ممارسة رقابته على الوجود المادي للوقائع التي تتخذها الإدارة سببا لاتخاذ قرارها و كمثال على ذلك نجد قرار المجلس الأعلى عدد 161 الصادر بتاريخ 08/07/1983 في الملف عدد 717847 [25]و الذي قضى بما يلي: "حيث أنه إذا كانت لهيأة المجلس التأديبي الصلاحية في تقدير الحجج المطروحة عليها لتشكيل قناعتها فإنه يجب أن تعتمد على وقائع محددة و معينة و ثابتة لا على رسالة مجهولة المصدر و تقرير يتضمن مجرد عموميات، لهذا فإن المقرر الذي تبنى اقتراح هيأة المجلس المذكور يكون مشوبا بالشطط في استعمال السلطة و ينبغي ألغاؤه"
إن الرقابة على الوقائع المادية في ركن السبب تثير التساؤل حول حكم القرار الذي يعيبه بعض أسبابه وإن صحت الأسباب الأخرى، وذلك في حالة تعدد الأسباب التي استند إليها القرار الإداري وهو ما يتحقق غالبا في ظل السلطة التقديرية ،وكذلك حول مدى إمكانية تصحيح السبب في القرار الإداري بإحلال السبب الصحيح محل السبب الخاطئ، كما يمكن أن يثار في مجال الرقابة القضائية على ركن السب في ظل السلطة التقديرية مدى سلطة القاضي الإداري في إلزام الإدارة بالإفصاح عن السبب.
أولا: الرقابة القضائية على السلطة التقديرية في حالة تعدد الأسباب
إذا تبين للقاضي الإداري أثناء قيامه بفحص الوجود المادي والقانوني لركن السبب في القرار الإداري عدم صحة بعض الأسباب التي أسست الإدارة عليها قراراها وصحة البعض الآخر، بما يكفي لتبرير إصدار القرار والإستاد إليها، فإن ذلك لا يؤدي إلى إلغاء القرار الإداري لعيب السبب، وذلك إذا اتضح له أن الأسباب المعيبة لم تلعب إلا دور ثانويا في إصدار القرار مما يقتضي من القاضي التفرقة بين الأسباب  الرئيسية أو الدافعة والأسباب الثانوية أو الزائدة. ولكن متى نقول هذه الأسباب بالذات زائدة أو ثانوية ؟ يرى معظم الفقه أن الأسباب الزائدة هي الأسباب التي ما كان غيابها ليؤخر أو أن يمنع إصدار القرار الإداري أي أنها لو وجدت أو غابت فإنه سيصدر على أي حال، وهذا المعيار يؤدي بالقضاء الإداري في كثير من الأحيان إلى القيام بأبحاث دقيقة قد تصل حتى إلى تحليل قصد مصدر القرار نفسه.
ثانيا: سلطة القاضي الإداري في تصحيح الأسباب
قد يحدث أن يتبين للقضاء أن الأسباب التي بنى عليها القرار المطعون فيه هي أسباب غير صحيحـة إلا أن هناك أسباب أخري يمكن الاستناد إليها لتبرير القرار محل الطعن، فهل يجوز للقاضي الإداري أن يصحح قرار إداري بإحلال السبب الصحيح محل السبب غير الصحيح الذي استندت إليه الإدارة ؟ بمعنى أنه قد تستند الإدارة في قرارها إلى سبب خاطئ لا يصلح لتأسيسه، ومع ذلك يمتنع القضاء عن إلغاء القرار ويقوم بالبحث عن سبب صحيح يصلح سندا للقرار بدلا من السبب المعيب الذي ذكرته الإدارة. وهناك فارق بين الحالة الأولى التي تناولناها سابقا- حالة تعدد الأسباب – حيث يقوم القاضي بتحديد ما يعد ثانويا أو دافعا من بين أسباب القرار وبين هذه الحالة – حالة تصحيح الأسباب- ففي الحالة الأولى تقتصر مهمة القاضي على البحث بين الأسباب التي تمسكت بها الإدارة عما يصلح لتأسيس القرار الإداري، بينما في الحالة الثانية وهي حالة إحلال الأسباب فإن السبب الصحيح الذي يقوم القاضي بتأسيس القرار عليه هو سبب لم تذكره الإدارة ولم تنتبه إليه.[26] والأصل أن هذه السلطة لا يملكها القاضي الإداري الذي تقتصر سلطته على فحص أسباب القرار والحكم بإلغائه عند ثبوت عدم مشروعيته وذلك أن تخويل القاضي حق اكتشاف أسباب جديدة للقرار لم تذكرها الإدارة، وإحلال هذه الأسباب محل تلك التي تمسكت بها الإدارة يتنافى ومبدأ الفصل بين السلطات كما يقول الدكتور محمد حسنين عبد العال .
ثالثا: سلطة القاضي في إلزام الإدارة بالإفصاح عن السبب
من المسلم به أن الإدارة ليست ملزمة بأن تذكر سبب تدخلها إلا حيث يحتم عليها القانون ذلك، فيصبح السـبب عنصر من العناصر الشكلية الجوهرية التي يترتب على إغفاله بطلان القرار من ناحية ركن الشكل. غير أنه حتى ولو صدر القرار الإداري خالي من ذكر الأسباب فيجب أن يكون مستندا في الواقع إلى دوافع قامت لدى الإدارة حيث أصدرته و إلا كان القرار باطلا[27]، لفقدانه ركنا أساسيا هو سبب ومبرر إصداره.
ويرى الدكتور محمد حسنين عبد العال، أن عدم التزام الإدارة بتسبيب قرارها، ليس من شأنه أن يضـعف أو يقلل من إمكانيات الرقابة القضائية على السبب ،حيث أن التفسير السليم لقاعدة عدم التزام الإدارة بالتسبيب هو سلامة القرار من عيب الشكل الناتج من عدم التسبيب ،ولا تعني إعفاء الإدارة من الالتزام بالإفصاح عن سبب قرارها للقاضي، فهذا الالتزام الذي يتولد عن الرقابة القضائية هو شرط لا غنى عنـه لممارسـة هـذه الرقابة.[28]

الفرع الثاني: الرقابة على التكييف القانوني للوقائع
بعد أن ثبت للقاضي في حال رقابته على سبب القرار الإداري أن الوقائع المادية التي أسس عليها هذا القرار قائمة وصحيحة، فإنه ينتقل إلى المرحلة الثانية لرقابة السبب والتي تنصب على التأكد من سلامة التكييف أو الوصف القانوني الذي أسبغته الإدارة على هذه الوقائع، فإذا كان هذا الوصف سليما من الناحية القانونية كان القرار الذي استند إليه صحيحا
وتقتضي دراسة هذا العنصر أن نتطرق إلى مفهوم التكييف القانوني للوقائع وطبيعة الرقابة القضائية عليه، و استثناءات الرقابة القضائية على التكييف القانوني للوقائع.
الفقرة الأولى: مفهوم التكييف القانوني للوقائع وطبيعة الرقابة القضائية عليه
أولا: مفهوم التكييف القانوني للوقائع
التكييف القانوني هو إلحاق حالة واقعية بمبدأ قانوني، وذلك بتصنيف هذه الواقعـة وردهـا إلـى الفئـة القانونية التي تنطبق عليها. فالتكييف إذا هو إخضاع الواقع لقاعدة قانونية معينة ،أو "هو إدراج حالة واقعية داخل اطار فكرة قانونية »[29] وإذا كانت عملية التكييف القانوني تقتضي إجراء مقابلة بين الحالة الواقعية ونصوص القانون، فإنه يجب ألا نغفل ما تتضمنه هذه العملية من جهد فكري كبير ينئ بها عن أن تكون مجرد عمل آلي يتم بملاحظة مطابقة الوقائع للنصوص.[30]
و من تطبيقات القضاء الفرنسي في مراقبة التكييف القانوني لوقائع في مجال التأديب قراره الصادر في 28/04/1938 في قضية الآنسة "ويس Weiss" و التي تتلخص في كون معلمة متربصة قامت بواسطة رسالة شخصية بدعوة تلميذ للحضور أثناء العطلة للاستماع لمحاضرات ذات طالع ديني، و لقد اعتبر مجلس الدولة أن ذلك لا يعتبر خرقا لمبدأ الحياء المدرسي، و قام بإبطال القرار الرافض ترسيمها في وظيفتها[31]
ثانيا: الطبيعة القانونية لرقابة القاضي الإداري على التكييف القانوني للوقائع
يثار تساؤل حول طبيعة الرقابة التي يمارسها القاضي الإداري عند تصديه لفحص تكييف الإدارة للوقائع، فهل هي رقابة مشروعية أم رقابة ملاءمة ؟ ذهب العميد هوريو في تعليقه على حكم جومل، إلى أن هذا الاتجاه في قضاء المجلس يجعل دور القاضي في دعوى الإلغاء يتعدى مجرد فحص الشرعية ليشمل إلى جانبها ممارسة نوع من الرقابـة الخلقيـة علـى أعمال الإدارة.[32] بحيث يصبح تجاوز السلطة نوعا من الخطأ الوظيفي يتم بالمخالفة ليس فقط للقانون، وإنما أيضا لآداب الوظيفة ومثلها، التي يتسع نطاقها بكثير عن نطاق النصوص القانونية.
الفقرة الثانية: استثناءات الرقابة القضائية على التكييف القانوني للوقائع
إذا كان القضاء الإداري قد استقر على رقابة التكييف القانوني للوقائع في إطار فرض رقابته على مشروعية القرارات الإدارية، فإن سلطة القاضي الإداري في هذا المجال ليست مطلقة، بل تقف عند حدود معينة و هي ما يعرف بنظرية الظروف الاستثنائية ونظرية أعمال السيادة
أولا: القرارات المتعلقة بالضبط الإداري
و يتعلق الأمر بالقرارات المتعلقة بدخول الأجانب إلى البلاد أو إقامتهم فيها و في الترخيص للشركات و الهيئات و الجمعيات التي تمارس نشاطها في الدولة و كذا في الترخيص بحمل الأسلحة و الاتجار فيها.
و قد استقر الفقه و القضاء الإداريين على أن الدولة صاحبة السلطة التقديرية في تقدير ما يمس بأمنها و سلامتها و بالتالي ترجع لها سلطة منع الأجانب من الدخول إلى أراضيها أو ترحيلهم أو عدم منحهم حق الإقامة متى قدرت أن ذلك من شأنه الحفاظ على أمنها و سلامة مجتمعها.
كما يحق لها منع دخول صحيفة إلى أراضيها و حل أية جمعية أو شركة أجنبية تمارس نشاطها داخل ترابها الوطني، أو منع منح ترخيص لأحد مواطنيها بحمل السلاح أو الاتجار فيه.
و هي في هذه الحالة تكون بمنأى عن الرقابة القضائية فيما يتعلق بتكييفها للوقائع التي اتخذتها مبررا لقرارها و لا تمتد الرقابة القضائية في هذه الحالات إلى في حدها الأدنى المتعلق بالرقابة على الوجود المادي للوقائع و صحتها.
ثانيا: القرارات المتعلقة بالوظيفة العامة
الالتحاق بالوظيفة العامة يخضع في الكثير من الدول إلى إجراءات معينة كضرورة ولوج مباراة مثلا، حيث تشترط الإدارة لقبول الترشيح لولوج المبارايات توفر بعض الشروط في المرشحين غير أنها ترجع لها سلطة تقدير مدى أهمية قبول الملفات رغم توفر الشروط، و هذه من الأمور التي لا تمتد إليها الرقابة القضائية إلى في حدود التأكد من الوجود المادي للوقائع أيضا دون مراقبة التكييف القانوني للوقائع الذي تنفرد الإدارة به انطلاقا من سلطتها التقديرية لما يحقق المصلحة العامة.
ثالثا: القرارات المتعلقة بالمسائل الفنية و العلمية
و هي الحالات التي تتخذ فيها الإدارة قراراتها استنادا إلى إمكانياتها الفنية/التقنية و العلمية حيث تتفرد بعض المرافق بهذه الخصائص، و لا يملك القاضي الإداري بحكم تكوينه القانوني مثل هذه الخبرات و الكفاءات التقنية و العلمية كمدى فاعلية أدوية معينة أو منع ترويج منتوجات معينة أو منع عرض أعمال ذات طابع فني استنادا إلى تقارير من ذوي الاختصاص، فالقاضي الإداري في هذه الحالة لا يبسط رقابته على التكييف القانوني الذي اتخذته الإدارة في تبرير قراراتها و يقتصر دوره فقط في التأكد من ماديات الوقائع.
المطلب الثاني:عيب المحل (مخالفة القانون)
محل القرار الإداري هو الأثر القانوني المباشر والحال والمترتب عليه، ويؤدي إلى إحداث تغييـر فـي الهيكل القانوني السائد، وذلك عن طريق إنشاء مركز قانوني جديد، أو تعديل أو إلغاء مركزا قانونيا كان قائما  وموجودا.[33]  
وعيب مخالفة القانون هو العيب الذي يلحق أساسا بركن المحل في القـرار الإداري، لمخالفتـه القواعـد القانونية الموضوعية، إذ يشترط لصحة ومشروعية القرار الإداري أن يكون محله، أي مضمون الأثر القانوني الذي أحدثه القرار جائزا قانونا، أي مشروعا ويعني هذا الشرط، أن يكون الأثر القانوني الذي يحدثه القـرار الإداري متفقا مع القواعد القانونية، فإذا كان هذا الأثر مخالفا للقاعدة القانونية كان القرار معيبـا فـي محلـه وجديرا بالإلغاء.
 أما الشرط الثاني فيقتضي أن يكون محل القرار ممكنا، والمقصود بهذا الشرط أن يكـون محـل القـرار الإداري ممكنا من الناحية الواقعية والقانونية، فإذا استحال هذا المحل قانونا أو واقعـا فـإن القـرار الإداري  يصبح قرارا منعدما. [34]
و يقصد بعيب المحل أو عيب مخالفة القانون، أن يخالف محل القرار الإداري إحـدى القواعـد القانونيـة وتستوي في ذلك القواعد المدونة كالدستور والتشريع العادي أو الفرعي أو غير المدونة المستمدة من العـرف والمبادئ العامة للقانون.
و على هذا الأساس سندرس عيب المحل من خلال تناول المخالفة المباشرة للقانون ثم تناول الخطأ في تفسير و تطبيق القاعدة القانونية.
الفقرة الأولى :المخالفة المباشرة لقواعد القانون
تحدث المخالفة المباشرة لنصوص القوانين واللوائح،عندما تمتنع الإدارة عن تطبيق القـانون أو تتجاهلـه كليا أو جزئيا، وسواء كان هذا الامتناع عن عمد أو عن جهل بصدور القانون، ويحدث ذلـك فـي صـورة امتناع عن عمل يحتمه القانون، أو إتيان عمل يحرمه القانون، أي أن المخالفة لنصوص القـانون قـد تكـون إيجابية أو سلبية[35] ، و نتناولها كما يلي :
أولا: المخالفة الإيجابية للقاعدة القانونية
 تقع هذه المخالفة في حالة خروج الإدارة بطريقة عمدية على حكم القاعدة القانونية الأعلـى مـن القـرار الإداري، وهذا النوع من المخالفات يكون واضحا في الواقع العملي مثل حالة قيـام الإدارة بإصـدار قـرار بعقوبة التوقيف غير منصوص عليه قانونا في عداد العقوبات بحكم القانون ، و يستوي أن تتم هذه المخالفة المباشرة لقاعدة قانونية مكتوبة كمخالفة نص دستوري أو لائحي، أو تحـدث هذه المخالفة لقاعدة قانونية غير مكتوبة كمخالفة قاعدة عرفية أو مبدأ من المبادئ العامة للقانون. [36]
و في هذا الصدد جاء قرار المجلس الاعلى عدد 170-1983  لفائدة السكاك إبراهيم بشأن قرار توقيفه عن العمل لمدة شهر." حيث ينص الفصل 12 من الظهير المومأ إليه أعلاه( ظهير 13 غشت 1976 بشأن إحداث الخدمة المدنية) على أنه يمكن أن تصدر على المدعوين للخدمة المدنية إحدى العقوبات الآتية – الإنذار و التوبيخ أو الحرمان الكلي أو الجزئي من الحق في رخصة التغيب و الإجازات الإدارية أو أو الانتقال التأديبي على نفقة المعني بالأمر أو الحرمان المؤقت من كل أجرة باستثناء التعويضات العائلية لمدة لا تتجاوز ستو أشهر، و حيث يتضح من الفصل المومأ إليه أعلاه أن العقوبات التي يمكن للإدارة أن تتخذها في حق المجند في إطار الخدمة المدنية وردت على سبيل الحصر، و حيث إن وزير العدل عندما اتخذ في حق الطالب عقوبة التوقيف الغير المنصوص عليه قانونا في عداد العقوبات المومأ إليها أعلاه يكون قد خرق النص المذكور و بالتالي اشتط في استعمال سلطته، لهذه الأسباب قضى المجلس العلى بإلغاء المقرر المطعون فيه.[37]
ثانيا: المخالفة السلبية للقاعدة القانونية
تتمثل هذه المخالفة في حالة امتناع الإدارة عن تطبيق القاعدة القانونية أو رفض تنفيذ ما تعرض عليهـا من التزامات، ويحدث ذلك عندما يلزم القانون الإدارة بالقيام بعمل معين، أو إجراء تصـرف محـدد ، فـإذا اتخذت الإدارة موقفا سلبيا إزاء هذا الالتزام، فإنها تكون قد ارتكبت بذلك مخالفـة للقـانون يجعـل قرارهـا الصادر في هذا الصدد معيبا وقابلا للإلغاء[38].  ومن أمثلة المخالفة السلبية للقانون، حالة رفض الإدارة منح ترخيص لأحد الأفراد رغم اسـتيفاء الشـروط القانونية لذلك إذا كان القانون يلزمها بمنح الترخيص في هذه الحالة. [39] و بالتالي يجوز الطعن بالإلغاء لرفض السلطات الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار، كـان مـن الواجـب اتخاذه وفقا للقوانين واللوائح وهو ما يسمى بالقرار السلبي.
الفقرة الثانية: الخطأ في تفسير وتأويل القاعدة القانونية
تتحقق هذه الحالة عندما تخطأ الإدارة في تفسير القاعدة القانونية فتعطي القاعدة معنى غير المعنى الذي قصد المشرع، و الخطأ في تفسير القاعدة القانونية إما أن يكون غير متعمد من جانب الإدارة فيقع بسبب غموض القاعدة القانونية و عدم وضوحها، و احتمال تأويلها إلى معان عدة، و قد يكون متعمدا حين تكون القاعدة القانونية المدعى بمخالفتها من الوضوح بحيث لا تحتمل الخطأ في التفسير، و لكن الإدارة تتعمد التفسير الخاطئ، فيختلط عيب المحل في هذه الحالة بعيب الانحراف بالسلطة.
و في معنى الخطأ في التفسير أن تعتمد الإدارة إلى مد نطاق القاعدة القانونية ليشمل حالات لا تدخل في نطاقها أصلا، أو تضيف حكما جديدا لم تنص عليه القاعدة القانونية.



الفقرة الثالثة: الخطأ في تطبيق القاعدة القانونية
         يكون الخطأ في تطبيق القاعدة القانونية في حالة مباشرة الإدارة للسلطة التي منحها القانون إياها بالنسبة لغير الحالات التي نص عليها القانون، أو دون أن تتوافر الشروط التي حددها القانون لمباشرتها.
فإذا كان تطبيق القاعدة القانونية مشروطا بتحقيق حالة واقعية معينة أو تحققها على نحو معين، فإن مشروعية القرار الإداري في هذه الحالة تتوقف على تحقق الحالة الواقعية بالشروط التي يتطلبها القانون و للقضاء الإداري أن يراقب الوقائع التي طبقت القاعدة القانونية على أساسها، فإن صدر القرار دون الاستناد إلى الوقائع المبررة لاتخاذه أو لم يستوف الشروط التي يتطلبها القانون فإنه يكون جديرا بالإلغاء، و يتخذ الخطأ في تطبيق القانون صورتين:
الأولى تتمثل في حالة صدور القرار دون الاستناد إلى وقائع مادية تؤيده، و مثال ذلك أن يصدر الرئيس الإداري جزاء تأديبيا بمعاقبة أحد الموظفين دون أن يرتكب خطأ يجيز ذلك الجزاء.أما الثانية فتتمثل في حالة عدم تبرير الوقائع للقرار الإداري، و هنا توجد وقائع معينة إلا أنها لا تكفي أو لم تستوف الشروط القانونية اللازمة لاتخاذ هذا القرار.









قائمة المراجع
·       لطفاوي محمد الباسط، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون تخصص القانون الإداري المعمق، جامعة أبو بكر بلقايد، تلمسان، السنة الجامعية 2015-2016.
·       سامي جمال الدين، أصول القانون الإداري، الجزء الثاني، دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية، 1996.
·       طعيمة الجرف، مبدأ المشروعية و ضوابط خضوع الدولة للقانون، مكتبة القاهرة الحديثة، 1963.
·       خليفة سالم الجهمي، تراجع بعض المبادئ التقليدية في القضاء الإداري الفرنسي، الموقع الالكتروني للدكتور خليفة: khalifasalem.wordpress.com
·       د. حسني سعد عبد الواحد، تنفيذ الأحكام الإدارية، رسالة دكتوراه حقوق القاهرة 1984.
·       د.يسري محمد العصار، مبدأ حظر توجيه أوامر من القاضي الإداري للإدارة وحظر حلوله محلها وتطوراته الحديثة ، دراسة مقارنة ، دار النهضة العربية القاهرة ط/ 2000 .
·        د.صلاح يوسف عبد العليم ، أثر القضاء الإداري على النشاط الإداري للدولة ، دار الفكر الجامعي الإسكندرية ط/ 2008 .
·        د.محمد سعيد الليثي، امتناع الإدارة عن تنفيذ الأحكام الإدارية الصادرة ضدها ، رسالة دكتوراه حقوق القاهرة 2009 .
·        د.منصور محمد أحمد ، الغرامة التهديدية كجزاء لعدم تنفيذ أحكام القضاء الإداري ، دار الجامعة الجديدة للنشر الإسكندرية ط/ 2002 .
·        د.عصمت عبد الله الشيخ ، الوسائل القانونية لتنفيذ الأحكام الإدارية ، دار النهضة العربية القاهرة ط/ 2005 .
·       محمد أنس قاسم جعفر، الوسيط في القانون العام، بدون دار نشر، 1985/84.
·       محمد عبد الحميد أبو زيد، الطابع القضائي للقانون الإداري، دار الثقافة العربية، القاهرة، 1984.
·       مليكة الصروخ، القانون الإداري-دراسة مقارنة، الطبعة الرابعة، مطبعة النجاح، البيضاء، 1998.
·       د. محمد مرغني خيري، الوجيز في القانون الإداري المغربي، الجزء الثاني، دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر.
·       خالد خالص، عيب عدم الاختصاص في دعوى الإلغاء، الحوار المتمدن، عدد 1540، 04/05/2006. http://www.ahewar.org/
·        المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية، 16، الجزء الأول.
·       مجلة المحامي، العدد 37-38.
·       شعبان عبد الحكيم سلامة، القرار الإداري السلبي – دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي، دار الجامعة الجديدة، 2011.
·       حكم إدارية مراكش الصادر بتاريخ 19 ماي 1999 المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية.
·       حكم نفس المحكمة الصادر بتاريخ 9-10-1997، مجلة المحامي العدد 32 .
·       عبد الغني بسيوني عبد الله، القانون الإداري، الدار الجامعية، الاسكندرية، 1990.
·       سليمان محمد الطماوي، دروس في القضاء الإداري، دار الفكر العربي، القاهرة، 1976.
·       عبد العزيز عبد المنعم خليفة، أوجه الطعن بإلغاء القرار الإداري في الفقه و قضاء مجلس الدولة، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2002.
·       مجلة المحامي، العدد 47
·       مصطفى أبو زيد فهمي، القضاء الإداري و مجلس الدولة، الجزء الأول، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 1999.
·       مقال د.محمد الهيني مستشار بالمحكمة الإدارية بالرباط سابقا، عيب الانحراف في استعمال السلطة على ضوء الفقه و الاجتهاد القضائي الإداري، موقع http://www.marocdroit.com/، 06/05/2014.
·       المجموعة الكاملة لمجلة قضاء المجلس الأعلى،عدد 33-34، 1984.
·       سعيد الحكيم، الرقابة على أعمال الإدارة في لشريعة الإسلامية و النظم الوضعية، دار الفكر العربي، الطبعة الثانية، القاهرة، 1987.
·       سليمان محمد الطماوي، القضاء الإداري، الكتاب الأول، دار الفكر العربي، الطبعة السابعة، القاهرة، 1996.
·       مصطفى أبو زيد فهمي، القضاء الإداري و مجلس الدولة، الجزء الأول، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 1999.
·       زكي محمد النجار، فكرة الغلط البين في القضاء الدستوري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1997.
·       عبد العزيز عبد المنعم خليفة، أوجه الطعن بإلغاء القرار الإداري في الفقه و قضاء مجلس الدولة، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية 2002.
·       سليمان محمد الطماوي، نظرية التعسف في استعمال السلطة ، مطبعة عين شمس، الطبعة الثالثة، مصر، 1978.
·       عمار عوابدي، نظرية القرارات الإدارية بين علم الإدارة العامة و القانون الإداري، دار هومة، الجزائر، 1999.
·       نواف كنعان، القضاء الإداري، دار الثقافة للنشر و التوزيع و الدار العلمية الدولية للنشر و التوزيع، عمان، 2002.
·       عبد الغني بسيوني عبد الله، القضاء الإداري و مجلس شورى الدولة اللبناني، الدار الجامعية.
·       مجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد 33-34 .
·       رياض عيسى، دعوى الإلغاء في الجزائر، مجلة الحقوق، السنة 13، العدد 04، الكويت، ديسمبر 1989.


[1]  لطفاوي محمد الباسط، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون تخصص القانون الإداري المعمق، جامعة أبو بكر بلقايد، تلمسان، السنة الجامعية 2015-2016، ص 2.
[2]  سامي جمال الدين، أصول القانون الإداري، الجزء الثاني، دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية، 1996، ص 676.
[3]  لطفاوي محمد الباسط، المرجع السابق، ص 83.
[4] طعيمة الجرف، مبدأ المشروعية و ضوابط خضوع الدولة للقانون، مكتبة القاهرة الحديثة، 1963، ص 5 و ما بعدها.
[5]  سامي جمال الدين، المرجع السابق، ص 701.
[6]  لطفاوي محمد الباسط، نفس المرجع السابق، ص 84.
[7]   خليفة سالم الجهمي، تراجع بعض المبادئ التقليدية في القضاء الإداري الفرنسي،الموقع الالكتروني للدكتور خليفة: khalifasalem.wordpress.com
أنظر في تفصيل ذلك : د. حسني سعد عبد الواحد، تنفيذ الأحكام الإدارية، رسالة دكتوراه حقوق القاهرة 1984، خصوصا ص 499 وما بعدها، د.يسري محمد العصار، مبدأ حظر توجيه أوامر من القاضي الإداري للإدارة وحظر حلوله محلها وتطوراته الحديثة ، دراسة مقارنة ، دار النهضة العربية القاهرة ط/ 2000 ، خصوصا ص 236 وما بعدها ، د.صلاح يوسف عبد العليم ، أثر القضاء الإداري على النشاط الإداري للدولة ، دار الفكر الجامعي الإسكندرية ط/ 2008 ، خصوصا ص 366 وما بعدها ، د.محمد سعيد الليثي، امتناع الإدارة عن تنفيذ الأحكام الإدارية الصادرة ضدها ، رسالة دكتوراه حقوق القاهرة 2009 ، خصوصا ص 491 وما بعدها ، د.منصور محمد أحمد ، الغرامة التهديدية كجزاء لعدم تنفيذ أحكام القضاء الإداري ، دار الجامعة الجديدة للنشر الإسكندرية ط/ 2002 خصوصا ص 74 وما بعدها ، د.عصمت عبد الله الشيخ ، الوسائل القانونية لتنفيذ الأحكام الإدارية ، دار النهضة العربية القاهرة ط/ 2005 ، خصوصا ص 84 وما بعدها .
[8] خليفة سالم الجهمي، نفس المرجع السابق
[9] محمد أنس قاسم جعفر، الوسيط في القانون العام، بدون دار نشر، 1985/84، ص 15 و ما بعدها.
[10]  محمد عبد الحميد أبو زيد، الطابع القضائي للقانون الإداري، دار الثقافة العربية، القاهرة، 1984، ص 185 و ما بعدها
[11]  مليكة الصروخ، القانون الإداري-دراسة مقارنة، الطبعة الرابعة، مطبعة النجاح، البيضاء، 1998، ص 387.
[12]  د. محمد مرغني خيري، الوجيز في القانون الإداري المغربي، الجزء الثاني، دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر، ص : 256.

[13]   خالد خالص، عيب عدم الاختصاص في دعوى الإلغاء، الحوار المتمدن، عدد 1540، 04/05/2006. http://www.ahewar.org/

* يمكن الاستدلال بعدم الاختصاص الايجابي الذي اثارثه المحكمة الادارية بالرباط تلقائيا في الحكم الصادر بتاريخ 19-5-1999 حينما الغت قرارا اداريا يرمي الى عزل موظف من وظيفته لان القرار موقع من قبل رئيس قسم الموارد البشرية بالاصالة دون الاشارة الى توفره على تفويض من طرف السلطة التي لها حق التسمية والتي هي في النازلة لوزير الصيد البحري (المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية، 16، الجزء الأول، ، ص. 179. انظر في نفس الاتجاه قرار الغرفة الادارية بالمجلس الاعلى عدد 283 وتاريخ 18-3-1999 الذي ورد فيه بان توقيع القرار الاداري من طرف موظف غير ذي صفة وغير مفوض له يعتبر شططا في استعمال السلطة؛ منشور بالمجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية، العدد 32، ص. 165)

[14]  مجلة المحامي، العدد 37-38 ص 116.
[15]   شعبان عبد الحكيم سلامة، القرار الإداري السلبي – دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي، دار الجامعة الجديدة، 2011، ص 123.

*و يمكن الاستدلال بعدم الاختصاص السلبي بحكم ادارية مراكش الصادر بتاريخ 19 ماي 1999 الذي قرر انه لا يحق للسلطة المحلية رفض تسليم وصل الايداع المتعلق بتأسيس الجمعيات وان القضاء وحده هو المختص بمراقبة المشروعية ومدى احترام الجمعيات للقانون والتزامها به. ( المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية، المرجع السابق، ص. 181، او حكم نفس المحكمة الصادر بتاريخ 9-10-1997، مجلة المحامي العدد 32 ص,262 ).

[16]  عبد الغني بسيوني عبد الله، القانون الإداري، الدار الجامعية، الاسكندرية، 1990، ص 468-469
[17]  سليمان محمد الطماوي، دروس في القضاء الإداري، دار الفكر العربي، القاهرة، 1976 ص206.
[18]   عبد العزيز عبد المنعم خليفة، أوجه الطعن بإلغاء القرار الإداري في الفقه و قضاء مجلس الدولة، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2002، ص 62 و ما بعدها.
[19]  سامي جمال الدين، أصول القانون الإداري، المرجع السابق، ص 668.
  مجلة المحامي، العدد 47، ص.349 .[20]                
[21]  مصطفى أبو زيد فهمي، القضاء الإداري و مجلس الدولة، الجزء الأول، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 1999، ص 838.
[22] حكم غير منشور، مقتبس من مقال د.محمد الهيني مستشار بالمحكمة افدارية بالرباط سابقا، عيب الانحراف في استعمال السلطة على ضوء الفقه و الاجتهاد القضائي الإداري، موقع http://www.marocdroit.com/، 06/05/2014.
[23]  قرار مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 4 أبريل 1914 Gomel:
بموجب هذا القرار توسع القاضي الإداري في مراقبة الإدارة: فلأول مرة يقبل مجلس الدولة أن يراقب ليس فقط سلامة التفكير القانوني الذي تتبعه الإدارة بل أيضا صحة التكييف القانوني للأحداث و الوقائع التي اعتمدت عليها لاتخاذ قرارها.
بيان الوقائع و الإجراءات:
الإدارة رفضت تسليم رخصة البناء للسيد قوميل بحجة أن ساحة بوفو ببــــــاريس L a place Beauvau à Paris أين بقع العقار الذي يريد المعني إنجاز أشغال به يعتبر موقعا محتملا لإنجاز نصب تذكاري وفقا لأحكام المادة 118 من قانون 31 / 7 / 1911 التي تسمح للإدارة برفض تسليم رخصة البناء في مثل هذه الحالة.
و قبل قرار 4 أفريل 1914 كان مجلس الدولة يمتنع عن مراقبة التكييف القانوني للوقائع من طرف الإدارة ، و كان يكتفي يتأكد فقط من سلمة التحليل القانوني الذي تقوم به الإدارة . و في قضية الحال فإن الإدارة قد فكرت بطريقة سليمة : إذ أنه بإمكانها أن ترفض تسليم الرخصة المطلوبة بحجة أن الأشغال المطلوبة قد تؤدي إلى عرقلة إقامة النصب التذكاري المحتمل و هو سبب مذكور في قانون 1911 ، و لكن السؤال الذي طرح هو : هل هذه الساحة كانت مكانا يحتمل إقامة نصب به ؟ و قد أجاب مجلس الدولة عن ذلك بالنفي و ألغى قرار الرفض .
و بالتالي فإن القاضي أصبح يراقب ما إذا كانت الوقائع موضوع الدعوى تبرر اتخاذ القرار المطعون فيه ، أي ما إذا كانت الإدارة قد فكرت بطريقة سليمة في مواجهة الوقائع المعروضة .
[24]  وتتلخص وقائعها في صدور قرار بعزل الدكتور كامینو من وظیفته كعمدة، لما نسب إلیه أنه لم یراع الوقار اللازم لموكب جنائزي كان یشارك فیه، حیث أخذ علیه أنه أدخل التابوت من ثغرة في حائط المقبرة، ثم أمر بحفر حفرة غیر كافیة للقبر بزعم احتقاره للمتوفى، وقد ألغى المجلس قرار العزل . لابتنائه على سبب غیر صحیح من الناحیة المادیة.
[25]  المجموعة الكاملة لمجلة قضاء المجلس الأعلى،عدد 33-34، 1984، ص127-128
[26] سعيد الحكيم، الرقابة على أعمال الإدارة في لشريعة الإسلامية و النظم الوضعية، دار الفكر العربي، الطبعة الثانية، القاهرة، 1987، ص 85.
[27] سليمان محمد الطماوي، القضاء الإداري، الكتاب الأول، دار الفكر العربي، الطبعة السابعة، القاهرة، 1996، ص 792.
[28]  مصطفى أبو زيد فهمي، القضاء الإداري و مجلس الدولة، الجزء الأول، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 1999، ص 809.
[29] زكي محمد النجار، فكرة الغلط البين في القضاء الدستوري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1997، ص 14.
[30] عبد العزيز عبد المنعم خليفة، أوجه الطعن بإلغاء القرار الإداري في الفقه و قضاء مجلس الدولة، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية 2002، ص 236.
[31] - مأخوذ من د/علي خطار شنطاوي، موسوعة القضاء الإداري، ج 2، دار الثقافة للنشر و التوزيع، الأردن، ط 1، 2008، ص902.
[32]  سليمان محمد الطماوي، نظرية التعسف في استعمال السلطة ، مطبعة عين شمس، الطبعة الثالثة، مصر، 1978،  ص 104.
[33] عمار عوابدي، نظرية القرارات الإدارية بين علم الإدارة العامة و القانون الإداري، دار هومة، الجزائر، 1999، ص 76.
[34] نواف كنعان، القضاء الإداري، دار الثقافة للنشر و التوزيع و الدار العلمية الدولية للنشر و التوزيع، عمان، 2002، ص 298.
[35] عمار عوابدي، نظرية القرارات الإدارية بين علم الإدارة العامة و القانون الإداري، المرجع السابق، ص 76.
[36]  عبد الغني بسيوني عبد الله، القضاء الإداري و مجلس شورى الدولة اللبناني، الدار الجامعية، بيروت،1999، ص 624.
[37]  قرار المجلس الأعلى عدد 170-1983، مجلة قضاء المجلس العلى، العدد 33-34، 1984، ص 154.
[38]  رياض عيسى، دعوى الإلغاء في الجزائر، مجلة الحقوق، السنة 13، العدد 04، الكويت، ديسمبر 1989،  ص 78
[39]  عبد الغني بسيوني عبد الله، القضاء الإداري و مجلس شورى الدولة اللبناني، المرجع السابق، ص 524

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق